أحمد بن فارس السلوم : مجازر الأسد في سوريا والرد السياسي..


الدكتور: أحمد بن فارس السلوم :

تميز الأسبوع الأخير في سوريا بأنه أسبوع المجازر الرهيبة، فالمجزرة تولد مثلها، من الحولة إلى القبير فدرعا والحفة إلى معرة النعمان في إدلب وغيرها..
تحول المشهد السوري من إحصاء القتلى إلى إحصاء المجازر، ورأى كثيرون أن في ذلك دلالة على تخبط النظام وإفلاسه سياسياً وفشل خطته الأمنية في وقف التظاهر المتصاعد ضده، ولذلك هو يضرب بكل مكان وبكل قوة لعل وعسى.
لقد ظهر النظام في الفترة الأخيرة بصورة وحش متغول لا يشبع من الدماء، ولا يكترث لعواقب الأمور، ولا شك أن النظام يعتمد في ذلك على الراعي الروسي، الذي سالت دماؤنا في سوريا بأسلحته وبمشورة خبرائه.
بالتزامن مع هذه المجازر كان هناك تحركاً سياسياً أهمه ثلاثة أمور:
الأول: إعلان عنان أن خطته لم تنفذ وتنامي الحديث عن البند السابع.
الثاني: التأكيد الروسي على رفض التدخل الخارجي في سوريا واستمرار تزويد النظام بالأسلحة الروسية.
الثالث: اختيار رئيس جديد للمجلس الوطني بطريق التوافق.
أما الأمر الأول:
فكننا ننتظر من عنان إعلان فشل مهمته، ولكنه لم يفعل، لأن المجتمع الدولي لم يرغب بذلك، إذ لا يوجد لدى المجتمع الغربي بديل عن هذه الخطة، مما يعكس فشلاً دولياً في حل الأزمة السورية، ووقف نزيف الدماء فيها.
فالدماء السائلة في سوريا لا تكلفه أكثر من شجب واستنكار، كلام في مقابل دماء، لأنه لا يوجد في سوريا ما يمكن أن يعوض الغرب لو تدخل عسكريا كما حصل في ليبيا.
وأما الأمر الثاني:
فموقف روسيا المتصلب لا يبدو أنه سيتزحزح قليلاً عن مكانه، لكن هناك إشارات من النظام الروسي قد يفهم منها غير ذلك، وهذه الإشارات لم تجد تجاوباً من قبل الدول العربية، فروسيا تريد رعاية مصالحها في المنطقة وفي سوريا خاصة، وهذا لا يمكن لأحد أن يضمنه لها إلا الدول العربية وهي لم تفعل ذلك.
للجامعة العربية دور كبير في هذا الجانب، وعليها أن تفاوض وأن تضغط في آن واحد.
تخيل أن الجامعة العربية اتخذت قراراً بقطع العلاقات مع روسيا إذا تمادت في مساندة النظام واستخدام الفيتو في مجلس الأمن، وفي نفس الوقت تقدم لها ما تحتاجه من ضمانات لمصالحها، أو حتى دعماً ماليا مباشراً كما فعلت دول الخليج إبان الغزو العراقي على الكويت.
فروسيا أولاً وأخيراً ليست أكثر من دولة مرتزقة فاسدة لا مبادئ لها ولا ذمة، وقتها ستبيع روسيا الأسد وأشباله!!
وللأسف لم نشهد رحلات من الجامعة إلى روسيا مع أن وفودها إلى أمريكا تترا.
واما الأمر الثالث:
فالمجلس الوطني المتهلهل أصبح في نظري يشكل ثقلاً على الثورة والثوار، ولا ينسجم مع مطالب الشارع الثائر، والصيحات المدوية لإصلاحه لم تلق أذناً صاغية، فلم تكن مشكلة المجلس متجسمة في شخص الدكتور برهان غليون حتى يعمد إلى استبداله بآخر.
بل في مبادئه العامة وسياساته وطريقة اتخاذ القرار فيه.
والطريقة التي تم فيها اختيار الرئيس الجديد بالتوافق تعكس مدى الحرية التي يتمتع فيها هذا المجلس، والطريقة التي يدير فيها سياساته، فقد ظهر وكأنه عبارة عن عصابة سرية يدير شؤونها أفراد يتناوبون الأدوار فيما بينهم.
تماماً كتناوب مدفيدف مع بوتين في الأدوار!!
كنا نعلق آمالاً كثيرة على اجتماع المعارضة حول المجلس الوطني ولكن يبدو أن أفعال هذا المجلس تجعل هذه الآمال تتبخر.
وما دام أن اختيار الرئيس تم بالتوافق  ألم يكن في الشخصيات السورية المعارضة من هو أحق وأجدر وأكثر قابلية لدى السوريين، وأكثر توافقاً من عبدالباسط سيدا.
أم أن المطلوب هو التوافق على شخص يتوافق مع مايريده العاملون في المكتب السري للمجلس!
من السذاجة بمكان أن يعلل اختياره بأنه كردي كي يظهر المجلس وكأنه راعٍ لمصالح الأقليات، أعطونا أولاً حقوق الأكثرية ثم تكلموا فيما وراء ذلك.
ومع ذلك سننتظر قليلا لنقيم أعمال المجلس الوطني في الحقبة الجديدة المزعومة.
الآن بعد مضي خمسة عشر شهراً على الثورة السورية الملاحظ أن كثيراً من مكونات المعارضة السورية بدأ يخفت بريقها وتفقد لمعانها إلا مكوناً واحداً فهو في اشتعال، وأتوقع أنه سيفرز بالقريب العاجل قيادة حقيقية للثورة السورية ألا وهو : الجيش السوري الحر.
الجيش الحر هو الآن الأمل الوحيد بعد الله عز وجل، ويجب أن نتبنى السياسات الداعمة له، إذا أردنا أن ننتصر في ثورتنا هذه.



الدكتور: أحمد بن فارس السلوم

تم النشر في 17,49 10|06|2012





أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر