د.هجار عبدالله الشكاكي : إمساك العصا من منتصفها

د.هجار عبدالله الشكاكي :

لماذا امسك العصا من منتصفها
المجلس الوطني السوري لا يدعو إلى التدخل العسكري لإسقاط النظام كي لا يقال عن أعضائه أنهم جاؤوا على دبابة أمريكية و بالتالي يفقدون فرصتهم بالفوز بأصوات السوريين في أي انتخابات
  ديمقراطية قادمة في سوريا , و بالتالي فإنهم يدعون إلى حماية المدنيين السوريين بأي وسيلة ممكنة , وعندما يتم توجيه السؤال إلى أي واحد من أعضاء المجلس عن معنى كلمة الحماية الدولية للمدنيين , يكون الجواب : يعتمد الفعل على مدى رغبة الشرعية الدولية في تحقيق الحماية للسوريين وطريقة تنفيذ الحماية , بمعنى من المعاني فان أعضاء المجلس يبحثون عن التدخل العسكري ولكن بلا أي تحميل لهم لنتائج هذا التدخل , وهم مستعدون ان يتم قتل مئات الألوف من السوريين بشرط ان لا يتم تناولهم كمجموعة أو أفراد بصفتهم متعاونين مع الغرب , وهذا يدل على البنية الأيديولوجية المقرفة لأعضاء المجلس , التي تتراوح بين أيديولوجيا ستالينية وعروبية قومجية وإسلامية سياسية, وهذه الأيديولوجيات كما هو معروف تعلن نظريا على الأقل عدائها للغرب , ولكنها ضمنا لا ترفض ان يكون الغرب بماهو , حاميا لهم من بطش الدكتاتوريات , ويعيشون في أحضانه وعلى ضرائب مواطنيه , قد يقفز أحدكم الآن , ليرفض هذه الفكرة اعتمادا على مبدأ ان الغرب , لا يريد التدخل أصلا , عسكريا في سوريا , وبالتالي فلا يوجد مبرر لطلب هذا التدخل , وهنا يحضر في البال ما حدث في العراق من تدخل أجنبي غربي لإسقاط نظام صدام حسين , عندما توافقت الإرادة الغربية الأمريكية مع إرادة بعض النخب السياسية العراقية في ضرورة الإطاحة بصدام ونظامه عسكريا , وقد سمعنا وقرأنا حينها وما زلنا نقرأ , كيف ان النخب الفكرية العربية و الإسلامية , بما فيها المعارضين السوريين آنذاك, والذين يشكلون جسم وبنية المجلس الوطني السوري حاليا, رأينا كيف وقفت هذه النخب ضد ذلك التدخل وضد الإطاحة بصدام حسين , بل ووصل الأمر بهذه النخب ولا سيما اليساريين العرب و القومجيين , فضلا عن الإخوان المسلمين على اتساع العالم , ومنهم , إخوان سوريا, وصل الأمر بهم إلى تخوين المعارضة العراقية بكل أطيافها , وتم اتهام المعارضة العراقية التي أصبحت الآن النخبة الحاكمة في العراق , تم اتهامها باللا وطنية , وأنها جاءت على دبابة أمريكية , وتم دعم(( المقاومة الشريفة )) العراقية على ارتكاب كل المجازر بحق العراقيين من اجل قتل ألفين أو ثلاثة من الجنود الأمريكيين , بل وساهمت هذه النخب في ابتعاد العراقيين السنة عن المشاركة في الحياة السياسية , حتى تم وصول مجموعة لا وطنية إلى قيادة العراق , وللعلم فان المالكي و الجعفري وصالح المطلق و الشهرستاني والصدر وعلاوي هم من الذين كانوا ضد فكرة التدخل العسكري ورفضوا بداية الانخراط بالعملية السياسية , والآن فإنهم يحكمون العراق , ومازالت النخب السورية واغلب السوريين يعيبون على النخب السياسية العراقية الحالية تعاونهم مع أمريكا و الغرب , بل ويصل الأمر يبعضهم إلى التغني ببطولات صدام حسين و حسه القومي و وإخلاصه لله ولبلده العراق , وبالتالي فان المعارضة السورية لا بهمها حاليا إلا الحفاظ على رصيدها السياسي , حسب اعتقادها , وذلك بعدم طلبها التدخل العسكري مباشرة , كي لا يسبقها في رفض التدخل , أي من جماعات المعارضة الشكلية مثل هيئة التنسيق والطريق الثالث وغيرهم , وهؤلاء الذين يدّعون أنهم يمثلون المعارضة الداخلية , يرفضون علنا أي تدّخل أجنبي عسكري , ولكنهم ينتظرون سير الأمور , وقد يقاومون هذا التدخل , ((مقاومة شريفة)) حتى يتم لهم الأمر فيقفزون إلى السلطة في سوريا بالتعاون مع بقايا النظام وإيران وحزب الله , ولإدراك الإخوان المسلمين وجماعة المجلس الوطني لهذه الفكرة فإنهم يمسكون العصا من منتصفها .

د.هجار عبدالله الشكاكي
2-6-2012
تم النشر في 22,07 02|06|2012







أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر