محمد صالح خليل :
في البداية أريد أن أوضح بعض المعلومات عن المملكة النرويجية وهي معلومات بديهية , فالنرويج نظامها ملكي دستوري ديمقراطي برلماني والملك يمثل قمة في الهرم , الملك الحالي اسمه هارالد
النرويج تعتبر من الأغنى الدول في العالم وتعتمد اقتصادها على الشحن البحري وبناء السفن والصيد والغابات بالإضافة إلى الغاز والبترول , و ثاني أكبر مصدر للمأكولات البحرية في العالم , وفي مجال التنمية البشرية صنفت النرويج المرتبة الاعلى في العالم وثاني أغنى بلد في العالم من حيث القيمة النقدية ومابين الأول والثاني أكبر احتياطي للفرد الواحد في العالم , والكرونة النرويجية إحدى أكثر العملات ثباتاً في العالم , وهي من إحدى اكبر المساهمين مالياً في الامم المتحدة , والنرويج هي من ضمن أكثر الدول السلمية في العالم .
في عام 1814 ميلادي بسبب ظروف الحرب آنذاك و ظروف عديدة وقاهرة أخرى تنازل ملك دانمارك عن النرويج لملك السويد أو بالاحرى باعت لسويد , وأستغل النرويجيين هذه الظروف واعلنوا استقلالهم واعتمدوا على دستور على غرار النموذجين الفرنسي والأمريكي آنذاك , وتوجوا كريستيان فريدريك ملكاً لهم في 17 أيار 1814 ميلادي وسموا هذا التاريخ باسم يوم الاستقلال و يسمى هذا اليوم أيضاً باسم يوم الدستور , وكانت المقاومة شبه دائمة بين الشعب النرويجي و ملك السويد إلاّ ان أعترف الأخير بالنرويج في عام 1905 ميلادي , ولم يكن لنرويجين أي شأن في أوربا في تلك الفترة حتى الحرب العالمية الثانية , وفي الحرب العالمية الثانية أحتل الألمان النرويج وهرب الملك وبعض كتائب من الجيش النرويجي إلى انكلترا وبدأو بالمقاومة من هناك ضد الالمان حتى نهاية سقوط برلين , ولم يكن لنرويج أي إزدهار إلاّ ما بعد السبعينات والثمانينيات من القرن العشرين وهي كانت في حالة لا تحسد عليها وهي مثقلة بديون ولم يكن لها أي بنية الاقتصادية تذكر ولا قطاع الصحي .
بريطانيا في زمن تشرتشل كانت اقتصادها في وضع صعب , عندها قال له أحدهم مابالك بهذا الوضع , ردّ عليه تشرشل لا تخشى على بريطانيا مادام فيها قانون .
أعتقد القوانين والمبادئ هي التي تحدد مصير المجتمعات , فإذا كان قانون سيئ فيؤدي إلى سوء , أو إلى الأسوء , ربما الكارثة , اما إذا كان قانون على أساس ديمقراطي , والديمقرطية فيها معاني واضحة وعديدة ومتعارف عليها في الماضي والحاضر الذي نحن فيه , فسيؤدي حتماً نحو الأفضل .
القوانين الديمقراطية هي التي أوصلت جميع الدول والشعوب أوروبا الغربية إلى هذه المستويات من التقدم والرقي , والقوانين السيئة هي التي خلّفت الشرق الأوسط عن العالم وهي التي كرّست الديكتاتوريات وهي التي فقّمت الأفكار العنصرية والشوفينية والطائفية والعرقية في المنطقة .
ليس هناك أي شعب في الأصل كان متوحشاً وبقي متوحشاً وسيبقى متوهشاً إلى الأبد , ولا هناك شعباً كان متحضراً وبقي إلى الأبد متحضراً بل القوانين الوضعية هي التي تحدد مصيرهم .
أعتقد من حق غليون وعلى شاكلته أن لا يعترف بحقوق الشعب الكردي في السورية , وبشار الأسد حالةٌ طبيعية أن يسحق معارضيه , والشعب تركي وعلى رأسهم أردوغان وأغلوا الفاشي أيضاً حالةُ طبيعية في المنطقة , ونجادي وغيرهم كلهم حالات الطبيعية في المنطقة , فعندما كانوا الأوروبيين يتخلصون شئ فشيئاً من الظلام العصور الوسطى وأختتموه في نهاية الحرب العالمية الثانية , وبدأوا بالديمقراطية شبه الفعلية ومازلوا مستمرين في هذا النهج . لكن في المقابل قام الأتراك بتطبيق وتكريس الافكار الفاشية في المنطقة "الأتاتوركية" , والعرب روّجوا وطبّقوا الأفكار العفلقية , " إزرع البذرة البطيخ يعطيك ثمرة البطيخ" ومعاناتنا مازالت مستمرة , فالغليون وغيره هم جميعهم مازالوا طلًاب البعثية العفلقية , وأرد وغان وغيره مازالوا طلاّب الأتاتوركية , وبشار أبن أعته ديكتاتورومجرم وكان هذا الديكتاتور من هذه البذرة الخبيثة , أليست هذه الحالات جميعاَ طبيعية ؟؟
يقول المثل من عاشرقوماً أربعين يوماً صار منهم , فالأحزاب الكردية في المنطقة وتشبث قياداته بالمناصب الوهمية ودكتاتوريتهم على الشعب الكردي المسكين وفكرة العبودية الفرد وتمجيده , ليس إلاّ حالة الطبيعية , وهم يقلدون أولياء الأمورهم من الترك والعرب والفرس , فالتقدم الدول الديمقراطية ورفاهيتهم على جميع مستويات أيضاً هي الحالة الطبيعية ولما لا !
لأعود قليلاً إلى الموضوع النرويج , ففي 17 أيار الجاري أحتفل الشعب النرويجي بعيدهم الوطني , و شاركت في هذه الإحتفالية الوطنية وبهذه المناسبة نباركهم ملكاً وحكومتاً وشعباً , وفي الحقيقة لا أريد أن أجاملهم , لكنني أقول هذا الشعب وهذه المناسبة يستحق الإحترام , الذين خرجوا رجالاً ونساءً , شيوخاً وأطفال وبكامل حريتهم و بزيهم التقليدي وكل فرد منهم كان حاملاً العلم النرويجي , هاتفين يعيش ......النصر ...."هورّا" ولم أرى أية صورة غير العلم الوطني وبعض لافتات تمثل الرموز القديمة والخاصة بشعب النرويجي , لم يكن هناك أية صورة سواءً للملك أو غيره ولا تمجيد ولا تبجيل لأحد , وكم كنت سعيداً في هذه المناسبة جميلة , ومع هذا الشعب الجميل والهادئ , وكم كرهت بشار ووالده المقبور عندما كانوا يخرجوننا بالقوة ويجبروننا أن نرفع صور المقبور حافظ و أبنه باسل وأبنه بشار وشعارات الزائفة تخص بهم فقط , وهتافات لتمجيدهم وتبجيلهم , حينها كرهت جميع المناسبات على أساس وطنية , وكرهت حتى المناسبة سابع من نيسان وهو عيد الوطني لسورية , لأنني ماكنت أجد فيه أي شئ يربطني بهذه المناسبة , وكرهت اسم الجمهورية العربية السورية , لأنها لا تمثلني كوني لست عربياً بل لأنني كردي , عندها ذكرت قول ملك هارالد , ملك النرويج عندما قال المملكة النرويج تتألف من الشعب النرويجي وشعب سامي , والاخير لا يتجاوز عددهم 40 ألفا , لذلك لا أحب حافظ المقبور وبشار الحاضر ولا غليون مستقبل , وجميعهم من بذرة شوفان , وأحببت النرويج , لأنهم جميعهم كملك هارالد , ولأن الحرية هوائهم واليمقراطية غذائهم .
محمد صالح خليل
jم النشر في 21,00 20|05|2012