بيان حول "حق تقريرالمصير للشعب الكوردي"


24|11|2011 Sawtalkurd
لقد أثار طرح هذا المبدأ المعترف به دولياً في البيان الختامي للمؤتمرالوطني الكوردي الأخير نقاشات في الساحة السياسية  السورية بشكل عام وفي الساحة السياسية الكوردية بشكل خاص. ونحن بدورنا نتطرق لهذه المسألة لضرورتها في المرحلة القادمة من تاريخ سوريا الحديث، باعتبارنا مهتمون بكل ما يتعلق بشعبنا الكوردي وبما تثيره قضيته القومية العادلة في الحياة العامة لبلادنا من اسئلة تتطلب إجابات واقعية وموضوعية.
في الوقت الذي يعتبرهذا المبدأ أمراً طبيعياً وحقاً مشروعاً لكل شعوب الأرض قاطبة، من وجهة نظر القانون الدولي، فإنه يتقلص ويضمر لدى الكثيرين إلى أدنى حدوده عندما يتعلق الأمر بالشعب الكوردي. هذا ليس في سوريا فحسب، وإنما في البلدان الأخرى التي تتقاسم بلاد الكورد وتستولي على ثرواته وخيراته أيضاً.
وهناك من كان يفسر هذا الحق بالنسبة للشعب الكوردي في سوريا على أنه "حق المواطنة" أو "نيل الحقوق الثقافية" لا أكثر ولا أقل.

لقد أورد البيان الختامي للمؤتمر الوطني الكوردي عبارة "الإدارة السياسية اللامركزية" التي تعني "الفيدرالية" قبل ذكر مبدأ حق تقرير المصير، وهذا يدل على الترابط بين المبدأ والممارسة، ويزيل الضبابية، ولكن لو تبنى المؤتمرالمبدأ ذاته دون التطرق لموضوع "الإدارة السياسية اللامركزية" لبقي الأمر في حيز المبهم الغامض، لايمكن البت والحسم فيه، إلا بشرح مستقبلي لما تقصده الحركة السياسية الكوردية.
ولذلك، لاحاجة لمزيد من التفاصيل في هذا الشأن، فالكورد يعلمون بعد الآن ماذا يقصدون من إطلاقهم الدعوة لتأييد "حق تقرير المصير للشعب الكوردي في سوريا"، إنه محدد ومؤطر وواضح بعد الآن في مجال التطبيق والممارسة العملية. وأمل الكورد في إخوتهم وأخواتهم من السوريين والسوريات، الناشطين والناشطات في مختلف مجالات الحياة السياسية والثقافية، أن يقبلوا جميعاً ما اتفق عليه معظم ممثلي الكورد في مؤتمر تشاركي لهم، ألا وهو اقامة "فيدرالية" لهذا المكون السوري الذي عانى تاريخياً الكثير وباستمرار من سياسات الاضطهاد والتمييز والاقصاء وتجاهل وجوده واغتصاب حقوقه القومية كشعب، ويجدر إنصافه وطمأنته عملياً إلى أن حقوقه لن تهدر في المشروع السوري الحديث، ليس كمجرد أفراد ومواطنين، وانما كشعب ذي مميزات وخصائص قومية، يعيش إلى جانب المكونات السورية الأخرى، الاثنية والدينية العديدة.
 ولكن هناك مكونات أخرى سوى المكون الكوردي تود أن تكون مصائرها وحقوقها مصانة في المشروع الوطني الحديث، وهذا حق مشروع لها، ولكنها قد تكون مترددة في إظهار مخاوفها من المستقبل المجهول، أو أنها غير منظمة بالشكل السياسي الصارخ الذي عليه الكورد، وهذا ما يعرقل اندماجها الكلي في الحركة الشعبية العارمة، الهادفة لاحداث التغيير الجذري في البلاد. وعلى الكورد وقواهم السياسية التي يتبلور لها خطاب سياسي شبه موحد الآن، أن يساعدوا أبناء وبنات هذه المكونات في الوصول إلى تلك النقطة التي يعبرون عندها بما لديهم من مخاوف، وما يريدونها من مطالب، وما يعتبرونه حقاً لهم حسب مبدأ "حق تقرير المصير" الذي لايستثني أحداً.

وها نحن نرى العراقيين السنة الذين كان معظمهم معارضين للفيدرالية الكوردية يطالبون بها لأنفسهم الآن، عندما تأكدوا من أن "الفيدرالية" اتحادية وليست إنفصالية، ولكن الاتحاد المقصود هو القائم على العدل وضمان حقوق الجميع في الوطن المشترك، وليس ضمان حق فئة دون فئة، أو أكثرية دون أقلية.
 طبعاً، هناك مثقفون وسياسيون سوريون من دون الكورد، طرحوا منذ زمنٍ بعيد وطالبوا بضمان "حق تقرير المصير" للشعب الكوردي في كتاباتهم وبيانات أحزابهم وتنظيماتهم، ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث أبدى موافقته على قيام دولة كوردية شاملة لهم، و"من ضمنها الكورد في كوردستان سوريا"، وهناك بعض القوى والاتجاهات يطرحها الآن أيضاً، ومنها – كما نظن – لأسباب تكتيكية بحتة ومزايدات سياسية آنية، في حين أن بعضها بدوافع آيديولوجية، ومنها من هي بتأثير أفكار وتوجهات الحداثوية والتنوير المنطلقة من العالم الحر الديموقراطي. ونحن نقدر كل الآراء والطروحات الإيجابية الصادقة في هذا المجال، أيناً كان مصدرها، فالديموقراطية تفرض علينا عدم كبت الآراء والاستعداد لمناقشة موضوعية لها على أساس الاحترام المتبادل وتكافؤ الفرص والتسامي على الاتهامات الفارغة التي تضر بالوحدة الوطنية والاتفاق الوطني لسائر مكونات الشعب السوري.
 نحن في المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا لانطالب بالفيدرالية للكورد فقط، وإنما نريدها "سوريا فيدرالية" تستطيع منح الجميع شعوراً بأنهم أصحاب هذه البلاد وشركاء على مستوى واحد في توزيع السلطات والثروات الوطنية، والفيدرالية التي تترسخ في الدستور تصبح درعاً في مواجهة مغتصبي السلطة وتسخيرها لفئة إجتماعية أو سياسية أو قومية أو دينية أو مذهبية أو طائفية على حساب الفئات الأخرى من الشعب. ونأمل أن تشمل دعوات هؤلاء الناشطين الداعين لمنح الكورد حقهم في تقرير المصير، أن يتطرقوا بجرأة ووضوح في برامجهم وبياناتهم لحقوق مختلف المكونات السورية الأخرى أيضاً، حتى يبرهنوا عن مصداقيتهم السياسية، وليفتحوا الباب واسعاً أمام النقاش حولها، وبخاصة في الإعلام الوطني الحر.
ومهما يكن، فإن من يوقد شمعةً في البيت السوري الكبير، يمكن على ضوئها، مهما كان ضئيلاً ومتواضعاً، رؤية أفضل لقضية شعبٍ مضطهد كشعبنا الكوردي أو أي مكون آخر من مكونات الشعب السوري، يزيدنا شعوراً بأننا لسنا وحدنا في ساحة المطالبة العادلة بإنصاف شعبنا وانهاء عهود الاقصاء والتمييز وغمط حقه في تقرير مصيره بنفسه.

المجلس الوطني الكوردستاني - سوريا
17.11.2011
 





أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر