آواز خليل : مفهوم الوطنية في سوريا "بين الواقع والادعاء" الجزء الثاني

آواز خليل .

إن نشوء النظم الدكتاتورية والعسكرية في تركيا وإيران, واللتان تتقاسمان ثلثي أراضي كوردستان, والأحزاب الشمولية الفاشية في سورية والعراق في نهاية الستينات من القرن الماضي , 
 و اللتان تتقاسمان أيضا أجزاء من أراضي كوردستان- بُِِعيد الإستقلال- و وصولهما السلطة السياسية فيما بعد. كان سبب الرئيسي من وراء تصاعد هذه النظم واستلامها السلطة هو سد جميع الأبواب أمام تنامي أي نشاط كوردي ومطالبته بحقوقه. ووضًعت هذه السلطات نصب أعينها هدف ابتلاع   أو اقتلاع القومية الكوردية وصهرها في بوتقات تلك القوميات - العربية والتركية والفارسية- التي تتقاسم كوردستان .

 بالنسبة لسورية. عمل حزب البعث و بكل الوسائل الممكنة على "عربنة سوريا"  وأفرط في التشدد القومي  وحصل الشئ نفسه في العراق بل زاد  في ذلك استعمال الأسلحة الكيمائية ضد المدنيين"مجزرة حلبجة" والتهجير القسري"الأنفال" والإبادات العرقية الجماعية . سنحاول جاهدا عدم الخروج عن الموضوع السوري قدر الإمكان.
ونتيجة لسياسات. إبعاد وإقصاء الكورد عن حقوق المواطنة والشراكة الحقيقية في سوريا ومنعه من ممارسة حياته الطبيعية كثاني اكبر قومية في البلاد وفق خصوصيتهم القومية. مورس بحقهم سياسة التعريب القسري وجعلهم"الكورد" دائما تحت وطأة السياسات العدائية والشوفينية . من قوانين عنصرية استثنائية واحترازية بحقهم. وجلب الآلاف من العائلات العربية "غمر"واستيطانها في المناطق الكوردية بغية تغيير ديموغرافية المنطقة وإزالة الطابع الكوردي عنها,و لخلق حاجز بشري"عربي" بين هذه المناطق والمناطق الكوردية الأخرى في الجانب " التركي". وتم تعريب أسماء جميع القرى والبلدات الكوردية .وجرت اعتقالات تعسفية بحق الناشطين الكورد من مثقفين وسياسيين وأدباء. وبموجب سياسات البعث الشوفينية "قائد الدولة والمجتمع" ضُيقَ الخناق على المجتمع الكوردي من  جميع نواحي الحياة  .مما نتج عنها شلل في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية وتخريب في بنية المجتمع الكوردي. و تحلل القيم الطبيعية التي كانت سائدة من قبل.وتخلخل البنية الاجتماعية إلى درجة الميوعة . فأصبحت الساحة السورية عامة والساحة الكوردية خاصة مرتعا خصبا للصوصية والعمالة والارتزاق والعهر السياسي المرخص.

لم يتبلور في هذه الفترة أي مفهوم معبر للوطنية الحقة , والجامعة لكل السوريين . فقط الكورد كانوا يرفعون أحيانا شعار "عاشت الإخوة العربية الكوردية" من طرف واحد. ودون إن يَرد عليهم احدٌ بالمثل. وعلى العكس كان ولا يزال رد البعث على الكورد وغيرهم من الأرمن والاشور"السريان" سلبيا وعنصرياً وتتلخص في العبارة"عاشت العروبة فقط ولا يوجد في سوريا سوى العرب وعلى الجميع التكلم بالعربية"وكل من يكون خارج هذه المعادلة فهو عميل للامبريالية والصهيونية.
إن مفهوم الوطنية لدى جميع مكونات المجتمع السوري" الهجين" بقي مشتتا وضائعا دون الاستثناء.كثيرا ما لوحظ الشباب السوري وإثناء تأديته الخدمة العسكرية كان يشتم مؤسس الجيش ووزير الدفاع السابق "البطل الكوردي يوسف العظمة". في عبه. وسمعنا كثيرا شتم الفرنسيين أيضا من قبل الشباب السوري.لأنه خرج من سوريا.هذا التذمر يدل على المعاناة والحالة اللاوطنية الذي يعيشها المواطن السوري. فلم يتوحد السوريين على مفهوم المواطنة في حدودها الدنيا طيلة عمر الجمهورية المتشكلة.باستثناء الفترة التي سبق وصول حزب البعث الانقلابي  المشؤوم إلى السلطة في آذار 1963." لأن هذه الفترة كانت امتداد للفدرالية النسبية التي عاشتها الشعوب والمناطق المختلفة في ظل الدول العثمانية".

آواز خليل

يتبع ....في الجزء الثالث








أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر