أحمــــــــد قاســـــــــم :
اربعة عشر شهراً من القتل للمواطنين المتظاهرين وإعتقال عشرات الآلاف وتهجير المئات من الألوف المؤلفة، وتدمير أحياء من المدن المنتفضة في وجه هذا النظام الذي لا يعرف غير لغة العنف
بعد مرور أربعة عشر شهراً من عمر الثورة، والنظام السوري متماسك في سلطته الأمنية وتقتل البشر وتدمر المنازل على رؤوس ساكنيها وتفجر الأمكنة العامة والخاصة، ويفخخ السيارات لتفجيرها وتزرع العبوات الناسفة في الكثير من الأمكنة العامة والخاصة ليتهم المعارضة على أنها معارضة إرهابية مسلحة ، وكذلك إيهام المجتمع الدولي بأن خلايا منظمات القاعدة دخلت إلى سوريا وتقوم بعمليات إرهابية من خلال تفجيرات هنا وهناك. وكذلك أستطاع النظام أن يفكك المعارضة التي كانت بالأصل معارضة ضعيفة هشة ، حيث في غالبيتها تكونت وتنظمت بعد إندلاع الثورة ما عدا المعارضة الكوردية التي كانت منظمة على وجه مقبول. إلا أن النظام بخبرته الطويلة استطاع أن يخترق هذه المعارضة الناشئة، وأن يشتتها ويوسع الهوة بين أطرافها. كما نرى الآن الشرخ بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق ومجلس قيادة الثورة والجيش الحر والقوى الأخرى من المعارضة الداخلية والخارجية كلها بدون لون ولا توجه معلوم ومطمئن.
وسط هذا المشهد المفظع والمريب تيئس الغالبية الصامتة من الشعب السوري على مستقبلها، وتتخوف من كل المشهد الثوري والسياسي والدبلوماسي الدولي، وكأن النظام أستطاع الى حد بعيد أن يحيد الغالبية الصامتة من خلال تحريك قواها الخفية بين المجتمع لترهيب الناس من مستقبل سوريا في وقت تعجز المعارضة أن تقدم أي شيء لا للثورة ولا للشعب السوري من تطمينات حقيقية على امنهم ومستقبلهم وخصوصاً فئة الأقليات العرقية والدينية. وكذلك استطاع النظام من خلال تحريك أجنداته الدولية والإقليمية أن يكبح جماح الدول التي تناصر التغيير في سوريا ، وذلك من خلال روسيا والصين والدول الأخرى، بالإضافة الى هشاشة الموقف الدولي بالاساس تجاه المعارضة التي لا تستطيع الخلاص من ضبابية موقفها تجاه مستقبل سوريا.
وهنا لابد علي من أمن أشير، على أن المعارضات بكافة تكتلاتها عجزت استيعاب الكورد كمكون قومي ثاني في البلاد، وكشريك ندي لباقي مكونات الشعب السوري وفي مقدمتها المكون العربي، والذي لا يستطيع قبول شريك ندي له لإدارة دفة البلاد، مع أن الكورد شريك في الأرض التي تتكون منها الخارطة السورية، وليست أقلية كباقي الأقليات، مع العلم أن أي تغيير ديموقراطي في سوريا سوف لا يكتب لها النجاح في غياب الكورد وعدم مشاركته لو ضع أسس جديدة للبلاد.
وفي نهاية الأمر، أرى أن النظام حتى الآن يفعل فعلته، في الوقت الذي ترتبك المعاضات من وضعها التشرذمي ، وأن هذه المعارضات أمام مسائلات تاريخية ستحاسب على كل ما يجري على الأرض. حيث أن مستقبل سوريا أما اثنين من السيناريوهات، إما التقسيم الإضطراري او نظام كونفدرالي فارض من قبل المجتمع الدولي، والذي يبحث الآن بين دبلوماسيين للدول النافذة. وأن خبر الذي تتناوله الإعلام بشأن فتح الحوار بين النظام والمعارضة فيه كثير من الصحة. لأن الثورة السورية الى اليوم لم تفرز لها قيادة سياسية تستطيع أن تتفاوض على مستقبل سوريا بموقف ثابت ومقنع لدى المجتمع الدولي. ومن حق المجتمع الدولي أن يتأنى لتنضج المشهد السياسي للمعارضات السورية. وهذا أيضاً ما يؤكد القول أن النظام حتى الآن قادر على أن يلعب بفاعلية مع المجتمع الدولي وبالتوازن مع استمراره استعمال العنف المفرط ضد المتظاهرين والمحتجين الثائرين، وكذلك بإمكانه أن يواجه هجمات جيش السوري الحر بفاعلية إلى أن يتغير الموقف الدولي من مجمل الأحداث للأزمة السورية وثورتها المتصاعدة.
أحمــــــــد قاســـــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري 11\5\2012
تم النشر في 14,49 11|05|2012