أحمــــــــد قاســـــــــم :
كثير من الحكايات والأقاويل تتردد على السن المتتبعين للشأن السوري، في إطار مواجهة المتظاهرين العزل اعتى آلات القتل والقمع بصدور عارية. لقد بلغ عنف النظام تجاه الشعب السوري ذروته، حيث يستخدم كافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة بما فيها الطائرات والصواريخ لدك المدن والأحياء بدون هوادة من أجل وقف االإحتجاجات والمظاهرات، وبالتالي الحفاظ على بقائه لفترة قادمة، أو الى الأبد كما ترددها المؤيدون للنظام.
كلنا يعلم مدى كان ظلم هذا النظام خلال خمسة عقود. حيث كان لا يسمع إلا صوته، ولايخدم الا نفسه لإستمرارية بقائه، ولا يقوي إلا نفسه لقمع أي صوت معارض، ولا يحب إلا نفسه الى أن وصل به وكأنه نسي ارادة الله في قوته وبطشه وتنكيله بالمواطن من دون أي ذنب، فقط من أجل تخويف المواطنين، لكي لا يفكروا يوماً أن يعارضوا إرادة هذا النظام أو الخروج عن دائرة الولاء للقائد الأوحد..
لقد عانى الشعب السوري اصعب معانات، حيث اصبحت سوريا سجناً كبيراً لكل المواطنين. وأصبح المواطن فريسة للعناصر الأمنية على مساحة سوريا. ينكل تلك العناصر الأمنية بالمواطنين اشرس تنكيل من دون ذنب يرتكب، ويشاركه على لقمة عيشه من خلال فرض رشواة وأتواة. فمن لا يرضي المفارز الأمنية يسجل على أنه خارج دائرة الولاء للقائد، ليكون نصيبه في أحسن الأحوال السجن بدون محكمة أو مسائلة، ومن يرضي المفارز والفروع بخيراته عليهم فهو يملك قدراً من مساحة الفساد والإفساد، يستفيد ويفيد النظام من خلال تقديم الرشواة ...هكذا كان يدار البلد من قبل هذا النظام الفاسد المستبد. وكان المواطن مشروعاً إما للإستغلال او الإعتقال أو الفقدان بعيداً عن أعين الرقابة والإعلام ..أي ان هذا المواطن يخضع لقدر النظام اكثر ما هو خاضع لقدر الله سبحانه وتعالى..
مع استمرارية هذه الحالة المذرية للشعب السوري تراكمت أزمة البطالة وغياب مشاريع لإحتواء الجيوش من العاطلين عن العمل، وخصوصاً خريجي الجامعات والمعاهد، مما أدى الى استفحال خطر الفقر والمجاعة التي اصبحت تطرق ابواب غالبية الشعب السوري، مضافة الى حالة الإرهاب والقمع من قبل النظام. لقد حاولت النخبة السورية أن تفهم النظام بشكل سلمي، على أن الحال لايمكن الإستمرار به على هذه الشاكلة، تستوجب الأوضاع أن تتغير بشكل أو بآخر، والتوجه نحو الإنفتاح التدرجي السلمي باتجاه الديمقراطية والتعددية بشكل سلمي وباتفاق مع النظام القائم من خلال انعقاد مؤتمر وطني شامل تدرس فيه الحالة السورية، ومن ثم وضع برنامج زمني للتحول الديمقراطي لإنقاظ البلاد من مخاطر قد تحدق بالبلاد والعباد نحو منزلقات خطيرة ومدمرة. وكان ذلك مشروعاً مقدماً من قبل قوى إعلان دمشق في عام 2005. إلا أن ذلك جوبه بالإعتقلات الكيفية من قبل أجهزة النظام، فاعتقل كافة قيادات قوى الإعلان، وسجن غالبيتهم أكثر من ثلاثة سنوات بحجج واهية لاأساس لها من الصحة.
وأمام هذا الواقع المؤلم الذي كان يعانيه الشعب السوري، لم يبقى أمامه إلا أن ينتفض في وجه هذا النظام الفاسد والظالم لإسقاطه وإحقاق حقوق هذا الشعب المسالم. إلا أن النظام لم يفهم الا اساليب القوة في معالجة الأزمات، فما كانت أمامه إلا خيار استعمال القوة لقمع الإحتجاجات وتوقيفها، للحفاظ على بقائه على رأس السلطة. لكن الشعب أبى ان يتوقف يقيناً منه أن التوقف عن الإحتجاجات والتظاهر يعني الإنتحار والموت الحتمي تحت ظل هذا النظام القمعي، لذلك كان لابد منه إلا أن يستمر ويواجه الموت لجلب حياة أفضل.
إذاً أن مواجهة الموت والتضحية من أجل إسقاط النظام، هو منطلق آمن به الشعب السوري، على أن حب الحياة يدفعك نحو الدفاع عنها مهما بلغت من التضحيات، في الوقت الذي حرم النظام هذا الشعب التمتع بحياته اللائقة كونه إنسان يجب أن يعيش بما يليق به..لكنه في ظل هذا النظام، تبقى حياته اسيرة في ايدي الجهزة الأمنية الظالمة، التي تمتلك حياة شعب بأكمله، فكان شعار المتظاهرين( الموت ولا المذلة) وهذا لايعني أن الشعب السوري يحب الموت، بل إنما يموت من أجل حبه للحياة.
إذاً أن مواجهة الموت والتضحية من أجل إسقاط النظام، هو منطلق آمن به الشعب السوري، على أن حب الحياة يدفعك نحو الدفاع عنها مهما بلغت من التضحيات، في الوقت الذي حرم النظام هذا الشعب التمتع بحياته اللائقة كونه إنسان يجب أن يعيش بما يليق به..لكنه في ظل هذا النظام، تبقى حياته اسيرة في ايدي الجهزة الأمنية الظالمة، التي تمتلك حياة شعب بأكمله، فكان شعار المتظاهرين( الموت ولا المذلة) وهذا لايعني أن الشعب السوري يحب الموت، بل إنما يموت من أجل حبه للحياة.
أحمــــــــد قاســـــــــم
كاتب وسياسي كردي سوري 26\4\2012
تم النشر في 18,34 26|04|2012





