الصفحات

فرهاد شامي : جدلية الممكن لدى الكرتونيات الكردية

جدلية الممكن لدى الكرتونيات الكردية..فرهاد شامي
فرهاد شامي :

لعلّ ما استجدّ على الساحة السياسية الكردية خلال العام الماضي هو عدّة مصطلحات لغوية قديمة – جديدة في العرف التقليدي السياسي للشخصية الحزبية الكردية، الهرمة والشابة، وفي القوالب الحزبية المختلفة والمتخلّفة عن اللحاق بقضايا تطرحها هي ذاتها.
كثيراً ما كنّا نسمع عن الأحزاب الكرتونية؛ مصطلح ربما كان يشكّل اشمئزازاً لجميع الأحزاب بما فيها الأحزاب التي لا يتجاوز عدد أعضائها عدد "ركاب" سرفيس 14 راكب، مع بقاء "الدويخة" فارغة، وراكب على الطريق على الماشي، بالرغم من واقعية المصطلح، وشموليته للعائلات والعشائر الكردية الحزبية، والمجموعات المهجّنة بفعل السياسة "السهلة" كفنّ للممكنات ترسّخ في الذهنية الحزبية.

اليوم في الشارع الحزبي والشبابي الكردي يُعيد مصطلح "الكرتونية" نفسه بجدارة، وربما كانت الأحزاب قبل عام مقابل المستجّد من إحدى النِعَم التي كانت تستحق اللمز والهمز كلّما كان الحديث عن الكرتونية عرفاً حزبياً كردياً يمكن الافتخار به أمام العائلات "المدينية" الصغيرة العدد، وخاصة أن التنافس الخفي والصراع الممجوج بين العدد والعدّة التي تمتلكها تلك الأحزاب شكّل حتمية لتطبيق "الكرتونية" بكلّ ما تحمله من بيانات فارغة فارهة، وبيع أحلام، وبطولات وهمية، وانجازات أقرب إلى أفلام "الأنيميشن"، وعلاقات سطحية، وجهالة التدبير والتفكير، وتاريخ يُكتَب في ليلة التأسيس، ويمحوه صباح الانشقاق!

المستجّد الكردي في دوائر السياسة والتفافاتها الخطرة، بعد انطلاق الحركة الاحتجاجية في سورية، هو الكرتونية بحدّ ذاته، وخاصة في أيام التظاهر ال "ما ولو"، أي "بقيت هكذا"، فبتنا نجد تنسيقية تتألف من عدّة شباب عدّتها "كرتونة" مكتوب عليها اسمها ومطالبها، وبعدها يتم رميها لتدوسها الأقدام، ليصبح الشارع كلّه كرتونياً، وغرفة المنزل كرتونية، ولو لساعات التظاهر فقط، ولكن الكرتونية كمدخل للسياسة في عصر "الفورمولا 1" السياسية بات مشبوهاً، مشكوكاً في أمره، في ظلّ عودة الأحزاب والحُزيبيات لتقليد الشباب في رفع مطالبهم على "الكرتون" دون فعل أيّ شيء للقضية، الغائبة والمغيّبة عند اللزوم، والحاضرة عند الخطابة والحماس.

في الكرتونية كلّ شيء ممكن، ولكلّ مصطلح حيّز من المكان، ترك الشعارات "الهوبرات" البرّاقة بحجة المرونة السياسية ممكنة، الالتفاف على طموحات الشارع بحجّة المرحلية ممكن، لا داعي للإحراج، ترك "الكردي والكردية" أيضاً ممكن طالما يشكّل مصدر ازعاج وإبعاج للآخرين، التخوين الرخيص، واتهام الآخرين دون براهين أو أدلة، كلّ شيء ممكن عندها طالما محلها في الإعراب مبني للمجهول ولا أحد يتنازل محاسبتها، كلامها محسوب بالميلي متر، وكأنها شبكة الخلوي السوري، تتحدث في القمة عن شيء، وتخفيه في الحضيض، وتحرق المراحل بديناميكية فارغة دون أن تحترق بها، أو تأخذ منها العبر، المطالب المحقّة عندها بورصة لا تكلّ ولا تملّ من الخسارة الأخلاقية والسياسية، كلّ شيء عندها ممكن، وما هو غير ممكن أن تخطو خطوة واحدة ولو بسيطة لخدمة القضية الكردية عملياً، وليس كرتونياً.

فهل بلغت الرسالة، ونشفت حبر المطالب الكرتونية؟! 



فرهاد شامي – صحفي كردي

Farhadshami86@hotmail.com 



تم النشر في  20,46 25|04|2012