الصفحات

د.م.درويش : حذاء أبو قاسم الطّنبوري وغليون في المجلس الوطني السوري!


د.م.درويش : 

ليس من باب السّخرية أوالدّعابة أكتب هذه الكلمات وإنّما من باب الشؤم والغرابة لما فيها من عبرة وقيافة، فحذاء أبو قاسم الطنبوري كان فريداً من نوعه وشكله ولكنه كان شؤماً وبلاءاً على صاحبه
  أبي القاسم لما حمل له من متاعب ومصائب، فقيل في حكاية حذاء أبو القاسم الطنبوري أنّه حتى عندما كان يريد أن يتخلّص منه ومن مصائبه كان يعود له ببلاء جديد، فيُحكى أنّه رمى الحذاء يوماً من علو، فجاء الحذاء ساقطاً على رأس أحدهم وهرع المُصاب صارخاً بين الناس متألّماً وباحثاً عن صاحبه، وبما أنّ كل الناس كانوا يعرفون حذا أبو القاسم، فكانوا يدُلّون المُصاب إلى صاحبه أبو القاسم، وهكذا كانت تقع الشجارات والمشاكل، وهكذا دواليك، ففي كل مرّة أراد أبو القاسم أن يتخلّص من الحذاء بطريقة أو بأخرى، كانت النتيجة بلاء ببلاء، ويُذكر أيضاً أنّ أبو القاسم بات يُفكّر دوماً بطرق جديدة للتخلص من حذاء الشؤم، وفي إحدى المرّات ألقى به في النهر ولكن ماأن مرّت أيام وإلاً فاض النهر وألقى بالحذاء أمام باب بيت أبو القاسم، وجاء من يطرق بابه ليقول له: يا أبا القاسم لقد نسيت حذاءك في الخارج، وهنا كان يمتعض ويتألم أبا القاسم من جديد، وهكذا تطول الحكاية إلى أن تخلّص أبو القاسم من الحذاء بحرقه بعيداً عن أنظار الناس وتركه مُبتعداً عنه وعائداً مُهرولاً إلى بيته.
ماأردت أن اأستنبطه هنا وبالمقارنه مع ماتتفتّق به ذهنية السيّد غليون في مخاضات تصريحاته التعسفية وماجرّت إليه من إنتقادات وتهجّمات عليه ولاسيما ممّن أصابتهم تصريحاته بالذهول والعجب أو بالغرابة واللاّمعرفية في شؤون المجتمع السوري ومكوّناته المختلفة وتاريخهم وجغرافية أرضهم ووطنهم الأم، وأخصّ بالذكر المكوّن الكوردي في سوريا ، والأمثلة باتت عديدة في مضمار هذه التصريحات بدءاًً بإتهام الكورد بالإرهابيين والتنديد بنشاط الكوردستاني، ثم تشبيه الكورد السوريين ببعض المهاجرين العرب في فرنسا، ثم تنصّله لما أصدره مؤتمر تونس بموقفه المُخزي في وثيقة إستانبول عندما كان ممّن وافقوا على عدم تضمين الوثيقة، الإعتراف الدستوري بالشعب الكوردي وبحقوقة القومية على أرضه التاريخية في سوريا، ثم تصريحاته النافية للوجود التاريخي والجغرافي لكوردستان سوريا وإنكاره لحق الكورد بإختيار مصيرهم بالفيدرالية كأحد أشكال حق تقرير المصير. وهكذا أوردت الأمثلة التي نعلمها ولاندري ماتُخفي لنا الأيام في طيّاتها بتفتّقات غليونية أوبيانونية جديدة ولاندري إلى أين ستذهب ذهنيّاتهم.
بالعودة لبطل حكايتنا أبو القاسم الطنبوري، فلقد حرق الحذاء في نهاية الأمر ولكن ماجاء في بعض الروايات كخاتمة لحكاية أبو القاسم، أنّ حذاء أبو القاسم قد إحترق فعلاً وجاءت النيران على كامله إلاّ قطعة صغيرة منه كانت قد تشظّت وتناقلتها الريح لترمي بها على محاصيل قرية أبو القاسم وتلتهم كل البساتين وتجري النيران فيما بعد مُتجهة إلى القرية وتأتي على بعض منازلها، وماكان على أبو القاسم إلاّ ان يترك الديار ويهجر مضارب قريته إلى بلاد بعيدة.
فهل السيد غليون أو غيره في المعارضة السورية ممن يتّصفون بالإقصائية وبالشوفينية والعنصرية المؤهّلة لتنقلب إلى دكتاتورية جديدة، هل فكّروا بطريقة أو بأخرى للتغلّب على عُقدهم الذّهنية التي ستجلب لهم البلاء كما حذاء أبو القاسم الطنبوري، وهل سيحرقون جميع أوراقهم في سبيل عنصريّتهم في نهاية المطاف كما حرق أبو القاسم الطنبوري حذائه ولكن دون أن يتخلص من ويلات الشؤم والبلاء.
أتمنى من كل المعارضين السوريين عرباً وكورداً وقوميات أخرى ممّن سيجتمعون قريباً في واشنطن ثم في القاهرة أتمنى أن يحترموا الشعب السوري الثائر والصامد وبأن يتقبّلوا بعضهم بعضاً وأن يستمعوا لبعضهم البعض وأن يتنازلوا لبعضهم البعض في سبيل توحيد رؤيتهم وأن يُوثّقوا ثقتهم ببعضهم البعض وأن يخرجوا بشيء يتّفقون عليه ويكفل لكل منهم أن يتكلم ويعبّرعن المعارضة بما تتطلّبه هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ سوريا، تحيا سوريا إتحادية ديمقراطية حرة ولكل السوريين.


معارض كوردي مستقل، 28/04/2012

تم النشر في  23,06 28|04|2012