كاردوخ ميردرويش : القضية الكوردية في غرب كوردستان هي قضية ارض وشعب وليست قضية مواطنة


كاردوخ ميردرويش : 

ان القضية الكوردية في غرب كوردستان, و ايضا في الاجزاء الاخرى من كوردستان لا تتعلق بحكم طائفة معينة او مذهب معين او قومية معينة او حزب معين, بل تتعلق بحقوق الشعب الكوردي
  القومية المشروعة و المغتصبة, من قبل جميع الحكومات المحتلة لكوردستان على اختلاف مذاهبهم واديانهم وقومياتهم واحزابهم,فان سياساتهم واحدة تجاه الكورد ولن تتغير ابدا, وهذا امر محسوم ولا يحتاج للنقاش حوله. 

وعن غرب كوردستان فالمسالة ليست متعلقة بحكم الطائفة العلوية بالتحديد, او حزب البعث العربي الاشتراكي ، فان كل من استولى سابقا او سيستولي على مقاليد الحكم بعد سقوط النظام الحالي في سوريا, لن يغير في الامر شيئا بالنسبة للشعب الكوردي, لانه سيكون ايضا عنصرياً وطائفيا, بحكم تربيته و بيئته المحيطة به, و لو فرضنا جدلا او صدقنا بعض الاصوات, اللتي تدعي بالديمقراطية واستلمت الحكم في سوريا, فأن المشكلة لن تحل بهذه الطريقة, بل ستبقى و ستتفاقم اكثر, لانها مشكلة وراثية معقدة ومزمنة, ولن يستطيع هؤلاء الأشخاص من علاجها, لأن هكذا امراض مستعصية ومزمنة لا تتعلق بالأشخاص فقط، بل تتعلق بعقلية وتفكير وتربية مجتمع باسره،و لا يمكن السيطرة على هذه الامراض المتجذرة في المجتمع العربي, واللتي هم يرونها حالة طبيعية وانسانية تشبع رغباتهم سواء كانت قومية او مذهبية. اذا التغيير الاجتماعي المطلوب امر صعب جدا,اذا لم يكن مستحيلا,ويحتاج الامر الى أجيالاً عديدة,ربما يتغير الامر بعض الشيء؟؟!!,وخير مثال على ذلك المعارضة السورية بشقيها العروبي القوموي او الاسلاموي,فانهم لايختلفون عن نظام البعث القائم باي شكل من الاشكال, على الرغم من قضاءهم سنوات طويلة من حياتهم في العيش والدراسة في اوروبا المتقدمة في جميع المجالات وتمتعهم بالديمقراطية, اللتي كانوا محرومون منها في بلدانهم, فانهم مازالوا يحملون نفس الفكر ونفس الثقافة العنصرية والاستعلائية الفارغة, اللتي لا تحترم ادنى معايير حقوق الانسان,وخصوصا تجاه الشعب الكوردي وحقوقه المشروعة في كافة القوانين الانسانية والسماوية, وما زالت هذه المعارضة العنصرية متمسكة باسم "الجمهورية العربية السورية" و يعتبرون الشعب الكوردي عرباً, وهذا ما يفضح عنصريتهم البعثية وعقولهم المريضة, وحتى دستورهم الجديد للنظام القادم ينص على أن الشعب السوري هو جزء من الأمة العربية, أي أنهم يعتبرون الشعب الكوردي عرباً, و لا يعترف الدستور الجديد بالشعب الكوردي وامتداده الكوردستاني و بحقوقه المشروعة, اذا لا يمكن تغيير الواقع من خلال تخطي مراحل التطور الفكري و الإجتماعي، اللتي تتحكم بالعادات و التقاليد و العلاقات البالية في هذا المجتمع, فمن الغباء الوثوق بهذه المعارضة الاستعلائية المشبعة بالفكر العنصري والطائفي, و بوعودهم المعسولة والضبابية, اللتي ستتحول الى سموم طائفية وعنصرية قاتلة وجحيم لايطاق وانكار للحقوق, بعد استيلائهم على الحكم والاستفراد به لا سامح الله, ونحن الكورد بالذات لنا تجارب مريرة مع جميع الانظمة اللتي احتلت كوردستان, وكان التاريخ والقدر يعيد نفسه دائما على حساب هذا الشعب المظلوم والمغلوب على امره,فعلى الرغم من ان الكورد كانوا وما زالوا الوقود والداعم الرئيسي لجميع الثورات المحقة ضد هؤلاء الطغاة, وشاركوا في جميع الثورات بدون استثناء الى جانب العرب والفرس والتورك, وقدموا الغالي والنفيس من اجل انجاح هذه الثورات, اللتي كانت محقة في البداية, ثم انقلبت بعدها الى جحيم وويلات كارثية على شعب كوردستان من ابادات جماعية وحملات تطهير عرقي واعدامات بالجملة و المزيد من التشتت والتقلص للخارطة الجغرافية الكوردستانية, عن طريق تطبيق السياسات الستالينية في التعريب والتتريك والتفريس, لكوردستان وشعبها.

ان الحل الوحيد لمشاكل الشرق الاوسط هو تغيير الخارطة السياسية والجغرافية للمنطقة, لانها بالاساس خارطة شاذة وفرضت على شعوب المنطقة رغما عن ارادتهم,ويجب إعادة تكوين كيانات سياسية على أسس قومية ودينية ومذهبية,لان الثقة مفقودة بين هذه المجتمعات المختلفة عرقيا ودينيا ومذهبيا, وايضا التخلف الكبير في هذه المجتمعات تجعل الإستمرار في العيش المشترك لهذه المجتمعات المتنافرة والمتباينة أمراً مستحيلاً.
وبالنسبة لغرب كوردستان يجب تحديد حدود الإقليم منذ الآن وفي اسرع وقت ممكن, لمعرفة الجغرافية التي تتحرك فيها الثورة الكوردية, كي تقوم بعملياتها فيها, و تتحمل مسئولية حماية سكانها و تقديم الخدمات لهم، وايضا لمعرفة الحدود الجغرافية لسلطات الثورة الكوردية, و حسم النزاع مع العرب السوريين حول جغرافية إقليم غرب كوردستان، قبل زوال النظام البعثي في سوريا وبدون اي تاخير,فيجب اخذ العبر والدروس من الاخطاء الاستراتيجية القاتلة, اللتي إرتكبتها القيادة السياسية في جنوب كوردستان, فيما يتعلق بتحديد جغرافية إقليم جنوب كوردستان، حيث مازالت أكثر من نصف مساحة اقليم جنوب كوردستان, غير تابعة رسمياً وعملياً للإقليم,زائد الصعوبات الكبيرة التي تواجة إستعادة هذه المناطق الكوردستانية, بسبب تنصل المعارضة العراقية من وعودها, وايضا بسبب تدخل حكومات الدول الإقليمية المعادية للكورد, اللتي تمنع عودة هذه المناطق الكوردية الى اقليم كوردستان,لذلك يجب على السياسيين الكوردعدم تصديق الوعود المعسولة التي تتبجح بها المعارضة، بل القيام بترتيب البيت الكوردي و الإعتماد على قوتهم الذاتية فقط, لتحقيق أهداف الشعب الكوردي في غرب كوردستان, عن طريق تشكيل كتلة موحدة ومستقلة, من المجلس الوطني الكوردي و مجلس الشعب الكوردي في غرب كوردستان, تماما مثل الكتلة الموحدة اللتي تم تشكيلها بين الحزبين الرئيسيين في جنوب كوردستان,حزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني, وعدم الانضمام الى المجلس الوطني السوري, لكي لا تذوب في بوتقتها, بل المشاركة معهم بشرط الاعتراف بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي في غرب كوردستان ,لان المعارضة العروبية ستحاول بكافة الاساليب النفاقية خداع السياسيين الكورد في غرب كوردستان, مثلما خدع البعثيون السياسيين الكورد في جنوب كوردستان في إتفاقية آذار ، لترسيخ اركان حكمهم في العراق، على أن يتم تنفيذ بنود الإتفاقية بعد أربع سنوات,و هكذا نجحوا في تكتيكهم بعد إنقضاء الأربع سنوات, استطاعوا في تلك الفترة تثبيت حكمهم وشكلوا قوة عسكرية قادرة على ضرب منافسيهم ،بعدها مباشرة بدأوا بارهابهم والتكشير عن انيابهم بحروبهم الوحشية ضد الشعب الكوردي في جنوب كوردستان.

إن جغرافية إقليم غرب كوردستان واضحة و معلومة عند الإحتكام الى التاريخ و الديموغرافية الأصلية للمنطقة، قبل عمليات التعريب و التهجير العنصرية بحق الشعب الكوردي, فهناك الكثير من الخرائط يمكن عرضها والاعتماد عليها, واللتي تثبت بالادلة الدامغة الحدود الجغرافية لغرب كوردستان بكل بساطة, ويمكن اعتمادها رسميا من قبل الشعب الكوردي في المفاوضات مع اطراف المعارضة وتحت اشراف الامم المتحدة والهيئات الدولية المختصة بالتاريخ والجغرافيا, لاعادة الامور الى نصابها ووضعها الطبيعي قبل (سايكس بيكو) اي قبل تشكيل الدولة السورية عام 1921م, الغير متجانسة قوميا ودينيا ومذهبيا,واللتي تم بعدها ضم الجزيرة الكوردية الممتدة بين نهري دجلة والفرات الى سوريا,واللتي كانت تابعة لولاية الموصل, في زمن الاحتلال العثماني لكوردستان و ايضا مناطق عفرين وكوباني وتل ابيض والرقة وحلب وجبل الاكراد, اللتي كانت تابعة لولاية(امد)ديار بكر الى سوريا, ويجب ازالة اثار التعريب والمستوطنات الغير شرعية اللتي نفذها حزب البعث بحق الشعب الكوردي في مناطق غرب كوردستان, وتعويض جميع المتضررين من هذه السياسات اللاانسانية,وعلى المجتمع الدولي ان يقوموا بواجبهم الاخلاقي والانساني وتامين الحماية الدولية اللازمة للشعب الكوردي في غرب كوردستان, وايجاد الحلول المنطقية, اللتي ترضي جميع الاطراف برسم الحدود الفيدرالية, اللتي تحد من استبداد وجبروت حكم المركز اللعين, اللذي اثبت فشله في المنطقة, وكانت نتائجه كارثية على الجميع من قتل ودمار واحقاد طائفية تاريخية لن تنتهي ابدا, ومزيد من التخلف والتاخر عن ركب الحضارة الانسانية.

كاردوخ ميردرويش
3.6.2012







أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر