تقرير لـ"الجزيرة": "جهاديون" دخلوا سوريا بأجندة طائفية


kl:19,09 18|06|2012 Sawtalkurd


رشيد وهبي، شاب إسباني ينحدر من سبتة، أصبح الأسبوع الماضي أول إسباني يُقتل في سوريا، حيث ذهب لقتال قوات بشار الأسد مع ثلاثة إسبان آخرين على الأقل، حسب صحيفتيْ إلباييس وإلموندو الإسبانيتين.

ليس تقريرا إلباييس وإلموندو عن المقاتلين الأجانب في سوريا حالتين معزولتين، فقد سبقتهما تقارير لصحف أخر كالقبس الكويتية (عن مقاتلين كويتيين) ودير شبيغل الألمانية (عن شبكات لبنانية تنظم عبور المتطوعين) والخبر الجزائرية (عن مقاتلين فرنسيين من أصول عربية).

لم يقتصر التواتر في الموضوع على التقارير الإعلامية، فقد أوحى تحريم عضو في "هيئة العلماء" في السعودية القتال بسوريا دون إذن السلطات بوجود سعوديين في هذا البلد. كما أقر وزير الخارجية الليبية عاشور بن خيال سابقا بوجود مقاتلين ليبيين هناك، وإن نفى علاقة سلطات ليبيا بهم، في حين تحدثت واشنطن عن بصمات القاعدة بعد تفجيرات هزت سوريا، التي دعا أيمن الظواهري قبل أسابيع إلى "الجهاد" فيها.

سوريون بالأساس
قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد نفى بشدة قبل أسبوع وجود أجانب يقاتلون مع التنظيم، واعتبر في لقاء مع وكالة الأنباء الفرنسية هذا الحديث جزءا من حملة النظام لتشويه المعارضة.

لكنه في لقاء هاتفي مع الجزيرة نت أقر بأن سوريين كانوا يقيمون في دول أخرى، ويحملون جنسياتها عادوا إلى بلدهم الأصلي للقتال، وإن شدد على أن الجيش الحر يعتبرهم سوريين بالأساس.

الأسعد أقر أيضا باحتمال وجود أجانب أو جماعات أجنبية تقاتل خارج عباءة الجيش الحر، لكن القاعدة "التي تشكل قلقا لكل السوريين لا وجود لها.. لأنها لا تملك الحاضنة الشعبية التي يحتاجها أي تنظيم للعمل"، ومن يتحركون باسمها -يضيف- إنما هم مساجين أفرج عنهم النظام لخدمة أهدافه.

التلويح بقضية المقاتلين الأجانب سلاح أساسي في حملة النظام السوري الإعلامية القائلة بوجود مؤامرة أجنبية تشارك فيها دول غربية وعربية وتركيا.

خطر على الثورة
لكن المجلس الوطني السوري -الذي يعتبر الجيش الحر ذراعه المسلحة- أقر هو نفسه بوجود خطر يشكله المقاتلون الأجانب، وذلك في بيان بمناسبة انعقاد مؤتمر لـ"أصدقاء الشعب السوري" احتضنته تونس في فبراير/شباط الماضي.

خصص المجلس حينها فقرة كاملة لقضية تدفق المقاتلين والسلاح، دعت لرفض "محاولات استغلال الانتفاضة من قبل الجهاديين الأجانب والمقاتلين الطائفيين"، وطلب "مساعدة دول الجوار على حماية حدودها البرية مع سوريا لوقف تدفق المقاتلين الأجانب غير المرغوب فيهم".

الخلاف على قضية المقاتلين الأجانب ليس بين النظام والمعارضة فقط، بل موجود حتى بين أطياف المعارضة.

رئيس هيئة التنسيق الوطنية في المهجر هيثم مناع يتحدث عن معلومات مؤكدة تفيد بأن من نفذ بعض التفجيرات عناصر أجنبية "يقاتلون باسم محاربة الرافضة والعلويين".

هجمات طائفية
يتحدث مناع في لقاء هاتفي مع الجزيرة نت عن أكثر من مائتي جهادي دخلوا سوريا عبر تركيا "التي تساهم في عبورهم وتوفير الأوراق الثبوتية اللازمة، ليقاتلوا في سوريا حيث لا يتورعون في استهداف المسيحيين والعلويين"، مذكرا بأن العبرة ليست في العدد، فـ"18 شخصا استهدفوا برجيْ التجارة العالمية، وغيروا تاريخ القرن العشرين كله".

يستند مناع -كما يقول- إلى شهادات حقوقيين على الأرض وتسجيلات لهؤلاء الجهاديين، وتقارير وسائل إعلام دولية كالقبس الكويتية "التي لا أعتقد أنها في خدمة بشار الأسد".

"المجلس الوطني نفسه أقر بوجود هؤلاء الأجانب"، يقول مناع، وما كان له أن يفعل في رأيه لولا أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون طالبت بذلك، بعد أن قدمت أدلة عن وجود مقاتلين أجانب، "لا ينتمون بالضرورة للقاعدة التي باتت مجرد ختم يستعمله من يشاء".

ألا يخشى مناع من أن يوفر حجة للنظام السوري عندما يلتقي معه في الحديث عن "جهاديين في سوريا"؟

"لا"، يجيب مناع، فـ"من يلتقون فعليا مع النظام هم هؤلاء الجهاديون الأجانب الذين يجعلون الناس تشعر بالحاجة لحل أمني عسكري يخلصهم منها".

تحالف مؤقت
يتحدث خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية والإستراتيجية في باريس كريم بيطار عن بضع مئات من الجهاديين السنّة بدؤوا في الظهور "عندما أخذت القضية السورية تتدوّل أكثر، وأخذ مصير الشعب السوري يثير سخط الجماهير العربية".

يقول بيطار في لقاء مع الجزيرة نت إن هؤلاء الجهاديين استغلوا الفراغ الأمني ليتوغلوا بسوريا ويشنوا هجمات من شأنها إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، مشبها الوضع في هذا البلد بعراق ما بعد الغزو الأميركي في 2003.

لكن عكس العراق، لم تتعد أعداد "الجهاديين" الذين تدفقوا على سوريا -وفق تقديرات عدد من المحللين والمعارضين- بضع مئات، وذلك بعد نحو 17 شهرا من بدء الثورة.

يقول بيطار إن سلطة القاعدة المعنوية تضعضعت بعد قتل قائدها أسامة بن لادن، كما أن الشعب السوري يتحد في رفض هؤلاء الجهاديين الذين يصعب تحديد بلدانهم، وإن كان من المرجح -حسبه- أن يكون بينهم من قاتل في العراق، وآخرون من ليبيا، يأتمرون بإمرة عبد الحكيم بلحاج.

حتى الآن لم تسجل صدامات بين هؤلاء الجهاديين وبين تنظيمات أخرى تقاتل النظام السوري ولا تلتقي مع القاعدة أيديولوجيا.

يقول بيطار إن الهدف الأساسي الآن لمختلف التنظيمات المعارضة هو إسقاط النظام، لكن المعركة إن طالت فقد تعني احتمال اندلاع معارك ضمن الفريق الواحد.


المصدر الجزيرة نت


العنوان الأصلي : سوريا.. ثورة وطنية أم جهاد عالمي؟






أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر