مسامير ومزامير : إلى أصحاب الضمائر والحلول

مسامير ومزامير :    

وإذا المؤتمرات عقِدت واتفقوا فيها على ما صُدِرت وما سُطِرت ومن ثم بُطِلت, وإذا القرارات جُمِدت وبُدِلت, وإذا بعض الأحزاب سيطرت وبعضها أهُمِلت, فبأي وجهٍ ستبررون ما تفعلون, وإذا المواقف
  وضحت والتكتلات ظهرت والنفوس الضعيفة عليت, فبأي وحدة صفٍ تتحدثون, وإذا الناس الشرفاء بكم وثقت وعليكم اتكلت وبالآمال علقت وخلفكم تبعت, فبأي حجة ستتحججون على ما تُهمِلون وما تُهَمِشون, وإذا الأفعال تكررت وبنفس المقاييس أُعِدت وقيست, وإذا النرجسية كثرت وتنافستْ واندفعت, فبأي خطوة تخطون وتتقدمون, وإذا الفعاليات جمعت ووعدت بالعهود منكم وانضمت ومن ثم قسِمت وفرقت وضعفت, فبأي وعود تتعاهدون, وإذا الاجتماعات حدِدَت وعليها اتفِقت, ومن ثم أجلت وبدون مبررٍ تأخرت, وعلى مقاييسٍ خاصةٍ فصلت, وكل الفرص فوتت, فمن يلام وبأي وجهٍ ستواجهون من ينتظرون, وإذا الجماهير غضِبت ولأخطائكم واجهت, وعلى ما طرح وقرر اجتمعت واتفقت وبها توحدت ونفذت, وكل ما تفعلونه وتتباهون به رفضت, فمن يلام وبأي حديثٍ ستتحدثون وبأي مشروعٍ ستتقدمون, وإذا الوفود تحركت, سافرت وانتقلت, ناقشت مع غيرها وتفاهمت, فعلى أي سندٍ وشيئاً ستعتمدون وكل من حولكم هم مُهمِشون وأنتم من الهيبة فاقدين, وإذا الغايات الشخصية هي الهدف والهدف هو الوسيلة, وانتقاءكم كيفي, والمحسوبيات هي الأَولى, والمنافسة معاًعلى من سيقود ويترأس هي الأهم, والناس في معاناة الهم والغم, فعلى من يقع الذنب ومَنْ يكفر بحقِ مَنْ, فبأي منصبٍ تتعالون وأنتم عن جماهيركم غافلون وبعيدون .
 يا أيها الأوتاد ألا يكفيكم المهاترات والأستهزاءات والاستغفال بمناصركم, أليس هم مَنْ يُقويكم ويُغذيكم بعرقِ جهودهم وعلى حساب معيشة فلذات أكبادهم المحرومين والمغطسين بالفقر والحرمان, وأولادكم في السراء يعيشون ومن كل شيءٍ آمنين, فبأي لغةٍ ستردون إذا طلب منكم الرد, وبأي منفذٍ ستنفِذون, ألا يكفيكم كل السنين حتى أن تعيدوا الحساب والأرقام, وتتوحدوا من أجل أن ترفعوا المعاناة والظلم والأضطهاد عن شعبكم المغبون, وتعيدوا الثقة والإيمان بينكم وبينهم وجميعكم المستفيدين, بدلاً من الانشقاقات والانقسامات في الصفوف والتمسك بالأنا العليا الغائمة بالدونية,  فبأي شيءٍ تؤمنون وبأي لغة ستفهمون.
أليس لمرضكم علاج وللسرطان اكتشفوا العلاج, يا أوتاد التي لا ظل لها, ويا ظلٌ للآخرين, راجعوا أنفسكم قبل فوات الأوان لأن الوقت كسيف إن لم تقطعه قطعك, وهدر الوقت كفرٌ إن كنتم بالقضية مؤمنين, فبأي وقتٍ تلهون وأنتم غير مبالين لا للبارحة ولا لليوم ولا للغد وكأنكم غير معنيين.
 لا ننكر بأن فيكم الجيد والمخلص, ولكن لا يغفى أيضاً بأن هناك السيئون والمتسلقون بالقضية, يقولون ما لا يفعلون. ويستغلون كل الفرص ليظهرون على المنابر والمقابر بدون خجلٍ وحياءٍ لإلقاءِ خطاباتهم الجوفاء, لا يهمهم ما يقال بل المهم لديهم أن يكونوا في المقدمة, ويعشقون الترفع ولو كان على الخازوق, لا يهمهم الوقت والفرص والهدف ولا معاناة شعبهم إلا أن يكونوا هم الغانمون, كل ما يهمهم أن يكونوا صورٌ ولو كانت باهتة أو ميتة, المهم أن يكونوا لهم حصة من الموجود, فبأي ولأي هدفٍ تدعون وتسعون وتناضلون .
 فيكم من كان يسعى إلى المنح كالشحادين على أرصفة بعض الأحزاب, لا يهمه من يقدمها له, المهم أن يحصل عليها, في الوقت التي كانت السجون مفتوحة للمناضلين والملاحقة كانت مستمرة والخناق يشتد حولهم آنذاك وهم لم يستكفوا عن وعودهم وإرادتهم وقناعتهم بحرية شعبهم البريء وبها كانوا متمسكين, فبأي مقامٍ تقارنون وبأي ميزان عدلٍ تزنون, فالتاريخ له سطوره والفعل له حضوره والقول له حكمته ومنظوره, فكونوا واضحين لجماهيركم وجادين في أقوالكم ومخلصين في أفعالكم, حتى تتغلبوا على ما أنتم فيه من المعاناة والإهانات, ومن ثم لتغتسلوا بعفو شعبكم الذي دفع الكثير وضحى بأغلى ما عنده, ويعرف عنكم المزيد وهو ساكت دون أن يثر, فبأي سبيلٍ أنتم مقتنعون وبأيهما ستضحون, المنصب أم الكرامة, يا أهل الفكر والسياسة ويا دعاة القضية... هيا وضحوا لشعبكم ما هي النية. وكونوا صادقين مع أنفسكم ومع شعبكم ولو مرة واحدة, لأن الصادقين هم الفائزون وهم الغالبون, ففكروا قليلاً يا أصحاب الضمائر والحلول ...

 


مسامير ومزامير    
تم النشر في  00,03 02|06|2012










أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر