أحمـــــد قاســـــم : مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية وأهمية الوجود الكوردي فيه


 أحمـــــد قاســـــم :

لاشك أن لهذا المؤتمر اهميته الكبرى لتوحيد الطاقات والجهود من أجل دعم الثورة السورية أولاً، وكذلك صياغة مشروع متكامل للمرحلة الإنتقالية بعد سقوط النظام ومؤسساته الأمنية التي تفتك
  بالشعب السوري منذ خمسة عقود. وبالتالي توضيح الرؤية المستقبلية لشكل النظام الذي سيخلف الإستبداد بعد سقوط نظام الأسد، لمى لهذه مسألة أهمية بالغة، وخصوصاً لدى الأقليات من المكونات للشعب السوري، والذي يتكون من العديد من القوميات والأديان والمذاهب، حيث عانت هذه المكونات من الإقصاء والتهميش منذ استيلاء البعث للحكم، وخاصة المكون الكوردي الذي يشكل أكبر ثاني قومية في البلاد، يسكن في جزء مهم من كوردستان التي الحقت ببلاد الشام إثر تنفيذ اتفاقية سايكس _ بيكو عام 1916 لتتشكل دولة سوريا فيما بعد وتنتدب عليها فرنسا عام 1920 الى 1945. حيث فرض على الكورد واقعاً جديداً ليتعايش مع شعوب بلاد الشام والجزيرة السورية ضمن دولة اسمها سورية، ومن أهم هذه الشعوب ألآشوريون والسريان والأرمن والتركمان عند مناطق التداخل الجغرافي عوضاً عن العرب الرحل الذين يشكلون غالبية السكان في سوريا. 

حقيقة كانت الحقبة التي تالت الإستقلال أقل عنصرية وشوفينية من حقبة حكومات البعث، وخصوصاً بالنسبة للمكون الكوردي. حيث طبق على الكورد ابشع سياسات التطهير العرقي من خلال تجريد ما يقارب نصف سكان الجزيرة من الجنسية السورية منذ عام 1962 وتجريد نصف سكانها من التمليك اثر تنفيذ الحزام العربي في منطقة الجزيرة، ومن ثم جلب مواطنين عرب من مناطق مختلفة من البلاد لتوطينهم بين الكورد، في مزارع خصصت لهم ولتشكيل مضايقات مختلفة على الكورد وتهجيرهم من مناطقه، ناهيك عن تعريب الأرض والحجر والشجر من خلال تعريب اسماء القرى والمعالم الطبيعية التضاريسية على مساحة موطن الكورد بدءً من ديريك لتشمل الجزيرة و مروراً بكوباني لتنتهي بعفرين. هذه السياسة الشوفينية التي اتبعها الفكر القومي الشمولي لدى البعث أنهكت مقدرات الشعب السوري وخصوصاً الكورد منه، والذي حرم عليه تناول احرف ابجدياته باللغة الكوردية، فقط من أجل صهره في بوتقته العفنة والتي جلبت الويلات لسوريا طوال خمسين عاماً من حكمه.

 من هنا تأتي أهمية انعقاد مؤتمر شامل لهذه المعارضات السورية التي عانت من حكم نظام البعثي القومجي الذي لم يرحم أحدا ليشمل ظلمه كافة السوريين. ولما كان الكورد اكثر المتضررين من هذا النظام فكان من الطبيعي جداً أن يكون الكورد من أول المعارضين لهذا النظام ومنذ استعلائه للحكم، حيث لم يفرغ المعتقلات من مناضلين الكورد طوال حقبة البعث وما قبله، وخاصة في سنوات الوحدة أيضاً بين سوريا ومصر، حيث شملت حملة الإعتقالات بشكل فظيع، وارتكاب مجزرة في عامودة جراء حرق سينما ليقتل 282 طفلا. أعتقد أن الكورد له أهميته الخاصة في بناء سوريا المستقبل، وأن أي تهميش أو إقصاء للكورد يعني أن ذلك سيكون نظاما مستنسخا من النظام البعثي الذي يحتضر، وسيهمش كافة المكونات الأخرى من خلال حكم الأغلبية العربية. فمن حق الأقليات أن تتخوف من مستقبل مجهول المعالم، ومن حقه أن يصمت جراء ما يجري في سوريا من تدمير وتهجير وقتل واعتقالات من دون أن نعرف الى أين نحن ذاهبون. إذا كان قضيتنا اسقاط بشار الأسد والإنتقام منه، فما هو البديل المطمئن على حياة شعب سوريا ومكوناته المختلفة؟ كلنا ضد حكم هذا النظام المجرم، لكننا في نفس الوقت نعيش في ريبة داخلية عندما تفتقد الرؤية المستقبلية لنا بعد السقوط. لأكون أكثر وضوحاً في توظيف شكوكي على مستقبل سوريا، وأنا كوردي عارضت النظام منذ أكثر من اربعين عاماً، لايمكن القبول بنظام شمولي آخر قومياً كان أو إسلاموياً. إن سوريا وشعبها تختلف عن كل الدول في المنطقة في خصوصياتها الجغرافية وتعد مكوناتها من الشعوب الأصيلة، وأن أي تهميش لتلك المكونات ستؤدي الى كوارث لاتحمد عقباها. وأن السياسات المتبعة منذ خمسين عاماً خلقت شرخاً عميقاً بين تلك المكونات. كيف سيقبل اخوتنا في المكون العلوي حكم باسم السنة في سوريا، والكورد بالليبراليون القومجيون العرب الذين يتباكون على مرحلة جمال عبد الناصر...في حقيقة الأمر نحن نحتاج الى عقد سياسي واضح وشفاف بين كافة المكونات من الشعب السوري ليطمئن كل مكون على مستقبله. ستة عشر شهراً والشعب السوري يذبح، والمعارضات تدور في فلك الخلافات والإختلافات المليئة بالشكوك والريبة..الآلاف من القتلى التي تجاوزت العشرين ألفا، هل من حق الإخوان المسلمين أن يخاطب وكأنه الحاكم الأوحد ويوزع بركاته على غيره من المكونات ؟ حتى الإعلام المستخدم من أجل الثورة باتت تخوف الشعوب السورية جراء سيطرة الأصولية الإسلامية عليها وترويجاتها وكأن الثورة هي ثورة اسلاموية ..أين الخطاب الليبرالي من الثورة السورية؟ أين المكونات من الثورة عدا الكورد الذين شاركوا وبفعالية أكبر الثورة منذ اليوم الأول؟ اسئلة مهمة للغاية على هذا المؤتمر الإجابة عليها بوضوح وشفافية لإطمئنان الشعب السوري من مستقبله الآتي. والمقياس الحقيقي لمصداقية المعارضة هو مشاركة الكورد في صياغة المشروع المستقبلي لسوريا..سوريا لكل السوريين من خلال مشروع متكامل لنظام تعددي ديمقراطي توافقي مدني لا مركزي دستوري..وأن عيون مكونات سوريا على هذا المؤتمر لترى نفسها فيها على أنها مشاركة في فعالياته ومقرراته من خلال تطمينها على ما هو الآتي مطمئن.

 
 أحمــــــــــــــد قاســـــــــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري    25\6\2012

تم النشر في 11,22 25|06|2012











أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر