د.آلان قادر : آل دقوري...سلالة عريقة من تاريخ الكورد


د.آلان قادر : 
 اهداء: أهدي هذا البحث الى آل دقوري الأفاضل أولا وعامودا رنغين التي تقود نضال الكورد في كوردستان الغربية من أجل الفدرالية ثانيا!

مقدمة لابد منها.




ليس في نيتي الكتابة في علم الجينيالوجيا، أو تاريخ السلالات الكوردية الشهيرة ذات الجذور العريقة مثل:سلالة،دقوري، متيني، نايري او نهري، دريعي، داري، ديكو(دياكو مؤسس الأمبراطورية الميدية والقاضي الشهير)، وغيرها، فلست متخصصا في هذا المجال، بل أهتم بتاريخ الشرق القديم، فلو درسنا محطاته بعلمية وموضوعية، سوف يخبرنا الكثير من أسباب مايجري لنا حاليا ولاسيما مآسينا مع الطغاة من امثال بشار الأسد. ان ماضي بعض السلالات أو الأسر الكوردية، هي في واقع الأمر تعبير مكثف عن تاريخ الشعب الكوردي، الذي لعب دورا لايستهان به في الأحداث السياسية و العسكرية التي جرت في هذه المنطقة في غابر الأزمان والى يومنا هذا. فاذا انطلقنا من التعريف التالي للتاريخ بصفته: تعاقب زمني للأحداث العالمية التي تخلق واقعا معينا، بما فيها تدوين تلك الأحداث ومضمونها، فمن  مجموع تلك الأحداث التاريخية التي وصلت الينا، لابد اختيار اهمها،سعيا لرسم لوحة تاريخية  بواسطتها، كشف العلاقة فيما بينها وعلى نحو بحيث تبدو الحالة الراهنة نتيجة مباشرة لها.

وعلى هذا النحو، سوف نحاول الاستناد الى مثال آل دقوري، لإظهار الربط والوشائج التاريخية القوية بين الماضي البعيد مع اللوحة الراهنة، لتوضيح حقيقة ساطعة، أن شعب كوردستان يعيش على ارضه وبشهادات وأدلة تاريخية. قبل تناول المعلومة التاريخية المتعلقة ب آل دقوري، يجب التطرق الى الخلديين ولو بشكل موجز، من هم؟ أصولهم ومن اين جاؤوا؟.

اننا نقرأ في الموسوعة التاريخية المعلومات التالية عن الخالديين أو شعب الخلدي: هم شعب ينتمي الى الآراميين، هاجر الى ميزوبوتاميا في الألف الأول ق.م وبالدرجة الأولى الى الجزء الجنوبي وسكن في المناطق المطلة على شواطئ الخليج الفارسي، حيث قام منذ بداية القرن التاسع ق.م بتأسيس ممالك صغيرة سرعان وقعت تحت سيطرة الامبراطورية الأشورية الجديدة. استطاع الملك الخلدي نابوبولاسار السيطرة على مقاليد الحكم في بابل بعد اضعاف الامبراطورية الأشورية من قبل الميديين.غزا التحالف الخلدي- الميدي في العام 612 ق.م العاصمة الأشورية نينوى، هذا الغزو الذي قضى على الأمبراطورية الاشورية الجديدة.

 استغل خليفته نبوخذ نصر الثاني فراغ السلطة الجديد،حيث غزا ميزوبوتاميا، وانتصر في العام 601 على الجيش المصري بقيادة الفرعون نخو في معركة قرقميش، وكان من نتائجها انتقال المناطق الخاضعة للمصريين في سوريا وفلسطين الى امبراطورية بابل الجديدة.*

أما المؤرخ والعلامة الكوردي الفذ محمد امين زكي في كتابه خلاصة تاريخ كورد وكوردستان( ج1) يقول عن الخلديين مايلي: والخلديون اشتهروا في عهد الأشوريين باسم أورارتو-Khuldi أو Urshtu اذ كانو ساكنين في أطراف جبل آرارات. وفي أواخر القرن التاسع ق م كان الشعب الخلدي هذا موجودا في "أرمينيا" ثم تمكنوا من تأسيس حكومة قوية عاشت حتى أوائل القرن السادس (ق.م) في أطراف بحيرة (وان ). ويقول العلامة( لهمان هوبت) اعتمادا على كتاب (كوتنكنن) المطبوع سنة 1325ه- 1907 م ان الشعب الخلدي هذا قد امتزجت به عناصر غريبة، ويرى العلامة "ماير" ان الموطن الأصلي لهذا الشعب كان على الأرجح في حوض ( آراس-آراكس) الأوسط ولذلك بحث عنهم في تلك الجهات.والخلاصة أن هولاء الخلديين هجروا بلادهم هذه ونزحوا الى جبال ووهاد البلاد المجاورة، من جراء استيلاء الأرمن على كوردستان حوالي القرن السابع"ق.م" ولكن اسم هذا الشعب كان مشهورا في منطقة (وان) ولابد أن مدينة (خلاط) الواقعة على الضفة الشمالية لبحيرة وان تحتوي على آثار وعاديات مختلفة من الشعب المذكور.**

أما في الجزء الثاني من دراسته المذكورة فهو يذكر حاشية عن الحكومة الخلدية المعلومة التالية عن علاقة هذا الشعب بالكورد:

 ولاتزال احدى العشائر الكردية العريقة في القدم تحمل اسم هذا الشعب القديم وهي عشيرة( الخلدي-الخلطي) اليزيدية المنتشرة في أطراف سعرد والجزيرة والموصل كما في (شرف نامه)- المترجم***

المؤرخ الألماني أدوارد ماير وتاريخ الشرق القديم

يعد أدوارد ماير من اهم  المؤرخين الألمان المتخصصين في تاريخ الشرق القديم،ولد في هامبورغ 1855 وتوفي في برلين عام 1930. كتب بحث تاريخي شامل عن تاريخ العالم القديم  باللغة الألمانية وتحت عنوان: Geschichte des Alterthums (5 Bände, 1884–1902

 يقول ادوار ماير في الجزء المتعلق بتاريخ الشرق القديم، اي الآراميين، الأشوريين والبابليين والحثيين والميديين وفي الصفحة 409 مايلي:

هاجم سلمانصر بابل في العام 851 عندما انتفض مردوخ زاكيرشوم ( حوالي عام 851-825)ابن  نابوباليدين ضد شقيقه مردوخ بيلوساته. جاء سلمانصر لمساعدة الملك الشرعي، انتصر على المتمرد في شرقي نهر دجلة، حيث طارده في العام 850، في ملاجئه الجبلية وقتله. قام فيما بعد بتكريم الآلهة العظيمة بخشوع وذلك في المدن المقدسة: كوتا**** بابل،بورسيبا، تلك الآلهة التي تربعت على عرشها في المعابد، مقدما لها القرابين، أعد وليمة  كبيرة لسكانها المتدينين. بعد ذلك قاد حملة ضد سلالات الخالديين بمحاذاة القسم السفلي من نهر الفرات وحتى البحر،التي أصبحت الأن امارات مستقلة بشكل كامل. هزم آدين من بيت دقوري*****، أما  موشاليم- مردوخ من  بيت آموكاني وجاكين من "بلاد البحر"( التي سوف تسمى  فيما بعد وكالعادة بأسمه، بيت جاكين)، قدمت له الاكرامات. انه لم يقصد القيام  بغزوات جديدة، بل عدم التعرض لمملكة بابل( كاردونياش).

الخلاصة:

 ماهي الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من هذا البحث:

    من الصعب الشك في معلومات العلامة والمؤرخ ماير،حيث يعد مرجعا هاما جدا وموثوقا للعديد من المؤرخين في العالم وليس على مستوى أوربا فقط.

    تاريخ غزوات وحملات ملوك أشور مسجلة على ألواح طينية وفخاريات، موجودة في متاحف بغداد،لندن، باريس، امريكا وبرلين وغيرها.

    عراقة تاريخ سلالة دقوري التي تعود بأصولها الى الملوك الخلديين دون شك الآراميين ساميون، بينما الكورد آريون، ولكن هذا لايمنع ابدا من امتزاج بعض السلالات و الأعراق الأخرى  بالشعب الكوردي وانصهارهم في البوتقة الكوردية مثل: سلالة الآلانيين(آلان) الكبيرة في شرق كوردستان التي تعود بجذورها الى جمهورية أوسيتيا في القفقاز.

    وجود احدى العشائر الكوردية الأيزيدية المعروفة بهذا الاسم في أطراف الجزيرة وسعرد والموصل

    دحض كافة تخرصات ونظريات مستعمري كوردستان بشأن هجرة الكورد من مناطق أخرى أو من كواكب خارج المجرة الشمسية.

كلني أمل انني وفقت في تقديم معلومات تاريخية وان كانت غير مفصلة عن تاريخ  سلالة دقوري الفاضلة، وبالتالي مدينة عامودا حيث تسكن هذه العائلة، بحيث يمكن مواصلة البحث في هذا الاتجاه. سوف اكون شاكرا للأخوة المهتمين بتقديم ملاحظات، اضافات وانتقادات، سعياً لتوسيع البحث واغناءه. تحتاج المكتبة الكوردية الى دراسات وابحاث أكاديمية رصينة، لتسليط الضوء على تلك الحلقات المفقودة أو المخفية عن قصد من تاريخنا العريق.

ملاحظة.ارفق مع دراستي صفحة النص الأصلي باللغة الألمانية من كتاب العلامة ماير.

-------------------------------

المصدر: كتاب تاريخ الشرق القديم للعلامة والمؤرخ الألماني الشهير اداورد ماير:

  Eduard Meyer, Geschichte des Alterthums (5 Bände, 1884–1902)

* Encyclopädia Historica،http://historia.ziemann-online.net/FrueheHochkulturen/Kulturen/Frames/Chaldaeer.htm

** المؤرخ والعلامة الكوردي محمد امين زكي، خلاصة تاريخ كورد وكوردستان، ترجمة محمد علي عوني الجزأين الأول والثاني.

**** اعتقد ان كوتا هي مدينة الكوت الحالية في العراق.

***** جاء أسم دقوري لدى المؤرخ ماير : Dakuri وهذا طبيعي نظرا لعدم وجود حرف القاف في اللغات اللاتينية)أحيانا يستعاض عنه بحرف ال:Q من جهة ومن جهة أخرى ان الكلمات والمصطلحات وحسب علم الاستيمولوجيا تتغير وتتبدل جزئيا أو كليا على مر التاريخ. فأسم عامودا على سبيل، سبيل المثال وليس الحصر، بالتاكيد لايكتب مع حرف ع، بل هكذا باللغة الكوردية :Amidia،ومدينة دهوك تسمى باسم مؤسس الامبراطورية الميدية: دهياكو أو دياكو.

د.آلان قادر، حقوقي ومتخصص في القانون الدولي العام، رئيس الجمعية الكوردية للدفاع عن حقوق الانسان في النمسا.

23.06.2012

تم النشر في 11,00 24|06|2012






أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر