إدريس بيران : من وحي ثقافة الكوردايتي


إدريس بيران  :

الكوردايتي يشمل مجموعة من المفاهيم القومية والإنسانية , ذاتُ طابعٍ حسيٍ وشعوري , وقيم أخلاقية رفيعة ذات طابع حضاري متجدد يشمل بمجمله معاني الحب الرفيعة .
الكوردايتي في التجريد , يعني الإخاء بين أبناء الأمة الكوردية والكوردستانية والتعاون والتعاضد والتضامن فيما بينها ورفع قيم الإخاء الإنساني .
1-    أي الحب والإخاء بين كافة أفراد الشعب الكوردي بكافة أديانه وطوائفه ومذاهبه وعشائره وأحزابه السياسية , على اعتبار مضمنات جسد الأمة الكوردية ذات التاريخ واللغة المشتركة , ورفع وتمتين الأواصر والروابط القومية ونبذ الحقد والتفرقة والاستعلاء والقوموية ....الخ .
2-    الإخاء الكوردستاني , ويعني الحب والإخاء والاحترام المتبادل بين مختلف الخصوصيات القومية وعقائدها المختلفة والمتعايشة على الرقعة الجغرافية للمجتمع الكوردستاني ككل , والتعاون والتضامن فيما بينها واحترام الحقوق والعيش المشترك والإخوة التاريخية وتعميقها ....الخ .
3-    الإخاء الإنساني , ويعني الإيمان بالإخوة الإنسانية وبمختلف تضميناتها ومد جسور الصداقة والإخوة الإنسانية , والتضامن الإنساني مع مختلف الشعوب المجاورة والغير المجاورة وتعميق الثقافة الإنسانية النبيلة .
الكوردايتي بتضميناته لم يكن يوماً مجرد مفاهيم وقوالب جامدة , بل روح حياة وفعل لثقافة متداولة عموماً وعبر التاريخ .
ومن هنا ومنذ القدم التاريخي الغابر للثقافة الجمعية الموروثة والى اليوم , استخدم الكورد مصطلح كريف ( kirîv ) , وهو مصطلح حسي وشعوري ذات الدلالات العالية في المحبة والإخوة الإنسانية وإخوة الآخرة بالمعنى الروحي للكلمة ويتضمن أيضاً صلة القربى ويقابله في اللغة العربية ( الخل الوفي ) - أي الإخلاص والمحبة والوفاء - وعلى وتر الخليل ( سيدنا إبراهيم الخليل ) .
وهذا المصطلح متداول في المجتمع الكوردستاني منذ القدم , للدلالة على الإخوة والترابط المجتمعي واحترام المختلف عقيدة أو قومية والتعايش المشترك .
وأيضاً عند ختان الأطفال غالباً ما كان الكوردي يحرص أن يكون كريفه من طائفة أو ديانة أخرى , كالايزيدية الكورد أو المسيحية , ومختلف الانتماءات الطائفية والقومية المتعايشة كالإخوة الآشوريين والسريان والأرمن وباقي أبناء موزاييك المجتمع الكوردستاني ,حيث يوضع الطفل في حضن كريفه ويبدأ عملية الختان وبالتالي توثق صلة القربى بين العائلتين وهلم جرى ويتخلل ذلك بالاحتفال والفرح .
الكوردايتي كمفهوم ومصطلح , أحياها وأرسى دعائمها البرزاني الخالد أبان ثورة أيلول المجيدة , للدلالة على معاني الحب والإخاء والتضامن بين كافة أبناء المجتمع الكوردستاني , ومستمدة المقومات من الموروث الثقافي الجمعي والحي في المجتمع الكوردستاني , مما أدى إلى التمسك واحتضان وصيرورة المصطلح في الوعي الجمعي بين كافة فئات المجتمع الكوردستاني .
فالكوردايتي ثقافة إنسانية وحس قومي بخصوصيته الكوردية , ولم ينقطع روحه عبر فترات التاريخ الكوردي , بل واصل التجديد في أنماط وأشكال الوعي القومي والاجتماعي الإنساني وواكبت جميع مراحل التاريخ قديماً وحديثاً .
فالكورد يتميزون بصيرورة الأمة والعراقة التاريخية فإن مفهوم الكوردايتي من موقعه الجيو سياسي يتجسد فيه المفاهيم القومية والهوية والخصوصية الكوردية والإخاء الكوردي والإنساني , وهو ليس نتاج نظرية قومية سياسية فحسب بل هو امتداد لعصور غابرة , و نتاج طبيعي عاطفي وفطري وإنساني تزامن وترسخ في الوعي الشعبي للأمة الكوردية منذ فجر تاريخها الموغل في القدم .


إدريس بيران

2008-04-20

تم النشر في  19,09 12|06|2012







أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر