هوشنك أوسي : غليون وخلفيّات أزمة المجلس الوطني السوري!


هوشنك أوسي : 



يفهم بعض السذّج، المحسوبين على النظام السوري، توجيه الانتقادات للمجلس الوطني السوري ورئيسه برهان غليون، على أنه يصبّ في صالحهم. وعلى المقلب الآخر، يفهم الكثيرون من أعضاء
  المجلس الوطني السوري، توجيه النقد له ولرئيسه، بأنه يصبّ في طاحونة النظام السوري!. ويمكن سوق أنموذج هيئة التنسيق الوطنيّة، في إطار من تفرحهم وبل تثلج صدورهم، تزايد حجم الانتقادات للمجلس الوطني السوري!، الى جانب شخصيّات وتيّارات سوريّة أخرى!. ولا يقتصر الأمر، عند "التشفّي" الذي يبديه النظام السوري، بما يشهده المجلس الوطني السوري من أزمات وتخبّطات، بل ينتقل الامر الى باقي تنوعيات وتكوينات المعارضة السوريّة، التي تقف على قاعدة الخصومة والمنافسة من المجلس (الاسطنبولي)، كما يحلوا للنظام السوري، وبعض المعارضين السوريين، تسميته!.

والسؤال هنا، من يتحمّل مسؤوليّة هذه العطالة والعطب في أداء المجلس الوطني السوري منذ انطلاقته في تشرين أول/ اكتوبر الماضي، وجعل المجلس في مرمى هذا الكم المحقّ من الانتقادات!؟. بالتأكيد، ان رئيسه برهان غليون، يتحمّل المسؤوليّة، وتحتمّلها أكثر وأكثر، جماعة "الاخوان المسلمين" السوريّة، التي تدعم غليون، وانتهكت ميثاق المجلس الذي يخوّل كل عضو في المكتب التنفيذي تولّي رئاسة المجلس كل ثلاثة أشهر فقط، بالانتخاب السري. بينما، رأينا اعادة انتخاب غليون ولمرّات عدّة والتمديد له، وآخرها، كان في 15/05/2012، ما أثار غضب "لجان التنسيق المحليّة في سورية" وتهديدها بالانسحاب من المجلس، واتهامها له بـ"الانفراد بالقرار"!.

وردّ غليون على بيان لجان التنسيق المحليّة السوريّة، بوضع استقالته على طاولة المكتب التنفيذي للمجلس، وقال: "لا اريد ان اكون مرشّح خلاف. واذا كان هنالك بديل، فأنني اقدّم استقالتي". ولكن، غليون، كان يعرف حجم الانتقادات التي وجّهت له، وللمجلس أيضاً، ولتكرار انتخابه!، فلماذا رشّح نفسه مجدداً، ودفع لجان التنسيق المحليّة للتلويح بالانسحاب، وجعل المجلس الوطني، عرضةً للمزيد من الانتقادات!؟. غالب الظنّ، إن الاصرار على الترشيح، يشي بعدم اكتراث بكل الانتقادات الموجّه له وللمجلس الوطني!. وعليه، لا معنى لتصريحات غليون، لجهة الرغبة في الاستقالة، حال توفّر البديل!. زد على ذلك، وكأنّ غليون، قد ملأ كفّيه من أزمة المجلس الوطني، وما يحول دون وجود البديل، لذا، اشترط الاستقالة بوجود البديل!. وحتّى ولو قبل المجلس استقالة غليون، فإن عدم وجود البديل، يبقيه على رأس عمله كرئيس للمجلس بالوكالة، أو ما يشبه رئيس حكومة تصريف الاعمال. وبالتالي، لم يتغيّر أيّ شيء، بتقديم الاستقالة وقبولها، مع وجود الخلاف على اختيار البديل!.

وربما السؤال الأكبر، لماذا كانت جماعة الاخوان المسلمين، تصرّ على ان يكون غليون هو مرشّحها الوحيد؟!. ولماذا تحول لأن يكون المجلس الوطني السوري، ورئاسته الدوريّة التداوليّة، أنموذجاً لنظام الحكم في سورية مابعد الأسد!؟. ذلك أن قيادات بارزة في الجماعة، ذكرت، في أكثر من مناسبة، بأن غليون، هو مرشّحها، لكونه سنّي، وعلماني، وذو علاقات دوليّة، بخاصّة فرنسيّة _ أمريكيّة _ تركيّة!.

ويرى الكثيرون، أن تخفيف الاخوان المسلمين قبضتهم على المجلس الوطني، ومع استمرار الأزمة في سورية، بالتأكيد، ان رئاسة المجلس الوطني السوري، ستصل لشخص مسيحي (جورج صبرا او عبداللحد صطيفو...)، أو لشخص كردي (عبدالباسط سيدا)، أو لإمرأة (بسمة قضماني)...، ما يعطي فرصة ان يتكرر النموذج في سورية المستقبل!، ويقلل حظوظ الجماعة في الاعتراض، لاحقاً، على تولّي مسيحي أو كردي أو أمرأة أو علوي أو درزي...، رئاسة سورية المستقبل. زد على ذلك، ان افساح المجال امام تولّي كردي لرئاسة المجلس، ترفضه تركيا، منعاً لتكرار التجربة العراقيّة، حين تولّى الزعيمان الكرديان؛ جلال طالباني ومسعود بارزاني رئاسة مجلس الحكم الانتقالي في العراق، بعد سقوط نظام صدّام حسين، ما مهّد لتولي طالباني لرئاسة العراق لاحقاً!.

وعليه، تولّي كردي أو مسيحي أو امرأة، لرئاسة المجلس الوطني السوري، قد يعزز تكرار هذه النسخة في سورية المستقبل، ويعيد للاذهان الحقبة الوطنيّة في سورية، إبان منتصف الخمسينات!. وهذا ما تخشاه جماعة الاخوان المسلمين، والإسلاميون عموماً، ليس في سورية وحسب، وبل في مصر ومناطق عربيّة أخرى!، لئلا تصبح سورية تجربة يحتذى بها. فإن قبل إسلاميو سورية وصول مسيحي لرئاسة الدولة، هذا يعني، من جملة ما يعنيه، احتمال قبول إخوان مصر لتولي قبطي رئاسة مصر!، وتسقط فرضيّة، إن رئاسة الدولة يجب ان تكون للأغلبيّة الدينيّة _ الطائفيّة!.

قصارى الكلام: لم يعد كشفاً خطيراً التأكيد على سطوة وسلطة جماعة الاخوان المسلمين على المجلس الوطني السوري، وأن الأزمة التي يعيشها المجلس، تتحمّل "الجماعة" الجزء الأكبر منه. وتراخي غليون، (الأكاديمي والسياسي العلماني)، أمام حقيقة ومفاعيل وأبعاد وتبعات هذه الأزمة، وضرورة الاسراع في معالجتها، يفضي الى تفاقمها. وأيّة ازمة في المعارضة، هي بالضرورة، ضدّ الثورة، وفي صالح النظام!.

هوشنك أوسي
كاتب كردي سوري










أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر