أحمــــــــد قاســـــــــم :
يبدو أن المشهد السوري بات اكثر تعقيداً في ظل إرتباك دولي واضح من خلال تعاطيها مع الأزمة السورية التي باتت أكثر عرضة للإبتزاز الدولي والإقليمي. لورجعنا قليلاً الى الوراء، لرأينا المشهد
بالتوازي مع العجز الدولي والإنقسام الواضح بين مجلس الأمن الدولي، وكذلك جامعة الدول العربية، تتهرول المعارضات السورية في دائرة مفرغة، تعجز الخروج منها، ولا تستطيع لملمة نفسها في إطار واحد لتمثل الشعب السوري من خلال طرح برنامج سياسي واضح، تطمئن الشعب السوري بكافة مكوناته، وكذلك المجتمع الدولي. ويبدو أن المشهد داخل اروقة الدول النافذة في مجلس الأمن يتحول الى فرض تسوية سياسية على النظام والمعارضة على حد سواء، في الوقت الذي عجزت المعارضات عن توحيد صفوفها وطرح مشروع سياسي واضح لمستقبل سوريا، لبيان من سيحكم سوريا بعد السقوط، وكذلك عجز الثورة من إسقاط النظام بالشكل السلمي، ومن دون تدخل عسكري دولي، وفي ذات الوقت عجز النظام عن انهاء الثورة وإعادة الأمن والإستقرار الى سوريا. لذلك نرى اليوم وكأن المجتمع الدولي يبحث عن حل سلمي للأزمة السورية من خلال فتح حوار بين المعارضات والنظام للوصول إلى تسوية سياسية وإنهاء الأزمة بطرق سلمية. وأن خطة كوفي أنان المعتمدة أصلاً على المبادرة العربية وبدعم دولي، ليست إلا وسيلة من وسائل تدجين الثورة والمعارضة من خلال عمل المراقبين الدوليين وتخفيف حالة العنف من دون توقيفه، والوصول الى حالة قبول الحوار من قبل جميع الأطراف المتنازعة، ولو يبدو أن ذلك صعب المنال.
أعتقد إننا الآن في مرحلة جديدة من مراحل اللعبة الدولية لإستثمار الثورة السورية وإبتزاز المعارضات في حالة ضعفها التي باتت تحت مرمى مصالح الدول النافذة، وباتت أكثر عرضة للتشرزم تخضع لشروط الإستثمار السياسي وتصفية حسابات دولية وإقليمية والتي لاحصر لها على أرض سوريا، لأهميتها الجيوبولوتيكي، والتي تلقي بظلالها على المنطقة بأسرها وتعكس كل تطور قد يحصل هنا وهناك، لتكون هي المفتاح لحل الأزمات الناتجة عن الصراع العربي الإسرائيلي، اي أن سوريا باتت البوابة المفتوحة على كل الإحتمالات للدخول في حل المنازعات أو تعقيدها وفقاً لما ستحصل على أرض سوريا من تطورات سياسية وأمنية. وأن الرهان على أن المعارضة ستقبل الحوار، في الوقت الذي لا تستطيع المعارضات بكافة أطرها أن تمثل إرادة الثورة، وغياب القرار الدولي لوقف العنف، سيكون رهاناً رومانسياً لدى المجتمع الدولي، وقد نرى تردياً امنياً أكثر شدة وعنفاً قد تطيح بسوريا الى آفاق أكثر تعقيداً وأكثر دموية، في حال دخول الطرف الثالث على خط الأزمة كما يتكهنها البعض، وخصوصاً منظمات القاعدة التي لم تنقطع إتصالاتها مع النظام في دمشق، وقد تدخل بالتوافق والتنسيق مع النظام، وخصوصاً أن النظام أشار اليها في بداية الثورة قبل أن ينشق الجيش، لنرى طرفين مسلحين على الساحة السورية، القوات المتعددة الأطر التابعة للنظام وقوات الجيش الحر التي انشقت وتنشق يومياً عن الجيش السوري. والمؤسف أن يدخل الطرف الثالث على خط الصراع ليدخل الحابل بالنابل ويتعقد الوضع أكثر خطورة، عندها تفوت كل الفرص علىأي حل سلمي. وسيكون الحروب الطاحنة سيد الموقف.
أحمــــــــد قاســـــــــم
الكاتب والسياسي الكردي السوري 19\5\2012
تم النشر في 18,57 19|05|2012