د.عابدين سليمان : هل إخواننا العرب السوريون جاهزون لبناء دولة الشراكة مع الكورد في سوريا الجديدة ؟

د.عابدين سليمان :

كنت أتمنى أن يأتي الجواب لهذا السؤال من شركائنا في المعارضة السورية والقوى الليبرالية والديمقراطية في البلد , التي تنادي بالتعايش السلمي ودولة المواطنة والشراكة.وأعتذر بالرد
  بدلا ًعنهم لأنهم الى اليوم صامتون ولأن الرد سيكون مفصلياً ونقطة تحول في مستقبل السياسي للبلد. وأحاول قدر الإمكان إتباع الموضوعية والحيادية في التحليل.
إن الإرتقاء من دولة ذات نهج عنصري وشمولي واستبدادي إلى دولة مدنية ومؤسساتية وعصرية بحاجة إلى أرضية ملائمة ومع الأسف هذه غير متوفرة لأن العقل ونفسية الإنسان العربي والعلاقات الاجتماعية لهذا الشعب مستمد من النظام العشائري والأبوي ونظامه السياسي نظام مركزي متمثل بالزعيم وشيخ العشيرة ورئيس العائلة وعلاوة لذلك هذا المجتمع لم يمارس في تاريخه السياسي الديمقراطية الحقيقية لا على مستوى الفرد و لا على مستوى المجتمع لأنه يرتكز على العقيدة المركزية المتمثلة بالسلطان والأمير والشيخ والزعيم.
هل يمكن لهذا المجتمع وعبر النخبة المثقفة والطليعية التحرر من النهج الذي تربى عليه و يفتخر و يمجد له الى نهج مغاير نهج الديمقراطية والتعددية والليبرالية و إحترام الفكر الآخر والثقافة المغايرة.
من النظرة العلمية لا يمكن إحداث إنقلاب وثورة من الفكر المغلق والمركزي إلى فكر حر وتعددي ,وإنطلاقا مما بحثته المعارضة العربية السورية أمام إمتحان تاريخي إما التأقلم مع التحول الديمقراطي في المنطقة والعالم و إما السير على فلسفة السلطة والحلم بالماضي المشوه والاستبدادي.
سوريا بالمفهوم السياسي أنشأت عام 1922 من قبل فرنسا وانكلترا على أنقاض الإمبراطورية العثمانية وهذا البلد تشّكل الجزء الجنوبي منه من بلاد الشام والجزء الشمالي من كردستان ,أي هناك قوميتين أساسيتين وهما القومية العربية والقومية الكردية وبقيت القومية العربية مسيطرة على شؤون الدولة إلى يومنا هذا وتم تهميش القومية الكردية بل وتعريب وانحلال هذه القومية في الأمة العربية.
الآن ولّى ذلك العصر والفكر ولا يمكن إرجاع عقارب الساعة الى الوراء و علينا التفكير بجدية لكيفية العيش المشترك على أساس الإحترام المتبادل والمصلحة المشتركة , يجب إعادة الثقة فيما بيننا وهذا لا يأتي إلّا بدولة شراكة حقيقية فيما بيننا وكل يحافظ على خصوصيته ويطّور إقليمه إقتصادياً وإجتماعياً وعلمياً ويكفينا النظرة الإستعلاءية و الإقصاءية , ويجب أن نعلم بأن الخيارات عديدة امامنا ولكن من مصلحتنا جميعا العيش معاً لما يربط بيننا من مقومات ثقافية وإجتماعية وتاريخية.
أعتقد وواضح للجميع إلى أين تتجه بنا الأحداث إن لم نستخدم الحكمة والموضوعية في التفاعل مع الأزمة وإننا أمام منعطف خطير يهدد كيان هذه الدولة ووجودها وما سيخلف من صراعات طائفية وقومية وسيصبح من المستحيل العيش معا, ولهذا علينا التحكم للعقل والواقعية بعيدين عن الغوغائية والتطرف وإقصاء الآخر.


د.عابدين سليمان .
3-5-2012

تم النشر في  01,21 04|05|2012





أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر