د.م.درويش :
بعد مرور أكثر من سنة على الثورة السورية ، نستطيع أن نقول أن توجهات المعارضات بدأت تتمايز بين مؤيد للتدخل الخارجي بما فيه العسكري ومعارضات تعارض التدخل الخارجي ولاسيما العسكري.
أعتقد أن حل هكذا صراعات بين المعارضات كفيل بالتخلّص من سلبيات تمايزها، والحل يبدأ بإلتقاء هذه المعارضات دونما تهميش أو تقزيم لبعضها البعض وتفاهمها الأوّلي لوضع خارطة طريق توافقية واضحة ومُوثّقة، تُنظّم العمل المشترك لإنجاح الثورة و إسقاط النظام ، وخارطة الطريق هذه يجب دراستها وتدارك كل جوانبها المُستقبلية كي تكون شاملة وواعدة للسير بكل عناصر الثورة من شعب ثائر وعسكر ومعارضات، للسير ضمن منحى عام مشترك والهدف الأساسي منه هو إسقاط النظام ومن ثم وضع مُجمل عناصر الحراك الثوري عند بداية الطريق الصحيح في طور بناء سوريا المسقبل، ولكن خارطة الطريق هذه لم ترالنور بعد رغم ظهور عدة طروحات غير شاملة وغير كافية ومتباينة وأذكر هنا محاولات بعض المعارضات لعرض عدة وثائق كميثاق الأخوان ووثيقة تيار التغيير ووثيقة العهد الوطني ومُقترحات الكورد وغيرها.
إن كل هذه الأطروحات لم تكن كافية أو شاملة كما أنّها تباينت في خطوطها العريضة المُقترحة لسوريا المستقبل.
وللخوض في خارطة طريق أكثر تعبيراً ووضوحاً وأشمل توجّهاً وتقديراً لطموحات الشعب السوري الثائر وبمختلف مكوّناته، لابدّ أن نعود إلى تنوّع وتمايز المعارضات ومدى واقعية تمثيلها لقواعدها وإنعكاسات ذلك على الشارع السوري، وكلّنا بات يعرف اليوم بأن المعارضات السورية تتمثّل بفصيلين أساسيين وهما الفصيل العربي ومايضم من أخوان وليبراليين ومستقلين، وفصيل آخر لاعربي ومايضم من كورد ملتزمين ومستقلين كما يضم ممثلي القوميات الأخرى المتبقية من آشوريين وغيرهم.
إن كل هذه المعارضات تدعو لإسقاط النظام إذا إعتمدنا مصداقية تصريحاتهم وأفعالهم، ولكن تختلف حول آلية الإسقاط: سلمي أم لاسلمي، ويتضح لكل مراقب ومتابع سوري بأن أنصار التغيير السلمي هم قلّة أمام أنصار التغيير اللاسلمي والهوّة تزداد بإزدياد سفك الدماء يوماً بعد يوم، أما الرأي العام العالمي في هذه المعادلة، فمازال يدور في فلك التغييروالإنتقال السلمي للسلطة وفق مبادرات وقرارات ووو، فهم يميلون حتى اليوم إلى سلمية التغيير إلى أن تثستنفز كل الفرص الموافقة له قبل التحول في نهاية المطاف إلى الخيار اللاسلمي أو العسكري.
واليوم، المعارضات التي تُؤمن بالتغيير السلمي باتت معروفة للجميع ويتمثلون بهيئة التنسيق وبعض المستقلين وبعض رواسب النظام من المتخاذلين من قومجيين وعروبين.
أرى في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من مسار الثورة السورية، أنّ تفعيل مُتزايد لدور المعارضات الجانحة للتغيير اللاسلمي ، سيعزّز من موقف إقليمياً ودولياً، وسيساعد على تصاعد وإستمرارية الحراك الثوري الميداني الشعبي والعسكري، أرى في ذلك دفعاّ قويّاً للضغط على أنصار التغيير السلمي وعلى الرأي العام العالمي للتجاوب مع مطالب الثورة السورية ومطالب الشارع الثائر الصارخ منذ شهور عديدة بندائه الواضح بالتدخل العسكري وتخليصه من بطش وهمجية النظام، وبهذا التفعيل المنشط من هذه المعارضات وبالإستفادة من دعم الأصدقاء سيتوّج الأمر لوضع اللّبنة الأولى في تثبيت خارطة الطريق الشاملة المتكاملة المستقبلية وذات الخطوط العريضة التوافقية والضامنة لطموحات العرب والكورد وبقية المكونات السورية الأخرى، تحيا سوريا حرة إتحادية ديمقراطية ولكل السوريين.
معارض كوردي مستقل، 21/04/2012
تم النشر في 14,14 22|04|2012





