د.عابدين سليمان :
أردت التطرق الى هذا الموضوع لأنها تمس جوهر الذاتية الكردية , الهدف من ورائها التحليل الموضوعي لأسباب اخفاق الحركة التحررية الكردية بشكل عام في كردستان وفي سوريا بالأخص.
ان جمع صفات هذه الانتماءات في شخصية معينة تمنحها سيكولوجية خاصة ,تسمى سيكولوجية الانسان المقهور.
لاشك اننا بحاجة الى مراكز دراسات وأبحاث علمية للتحليل النفسي والاجتماعي لنا لإيجاد حلول موضوعية للخروج من الأزمة , وهذه هي مسؤلية المؤسسة السياسية الكردية والمنظمات الثقافية والفكرية الكردستانية.
1-سيكولوجية الانسان المقهور-القومية الكردية من القوميات النادرة التي بدون كيان ولا هوية ولا دولة سياسية ذات حدود جغرافية معترفة بها عالميا ,والتي بقيت رازخة تحت الاستعمار الى يومنا هذا , فتمارس بحقها جميع الإجراءت التعسفية والاضطهاد , فتحارب كل ما تخص شخصيتها وتاريخها.
هذا الانسان منذ ولادته يكسب صفة المقهور سواء اكان متعلما ام أمياً غنيا ام فقيرا انه مواطن من الدرجة الثانية وينظر اليه نظرة المستعبد , يشعر بالدونية مقارنة بالمواطن من المرتبة الأولى , يشكو من ازمة ذاتية تتمثل في النفور من الذات وتتلخص بتقليد والاهتداء بالمستبد رغم حقده وكرهه له ,نجد يطالب بالديمقراطية والحرية ويمارس على ارض الواقع الديكتاتورية والتسلط , ينادي بالعدالة والمساواة وهو استبدادي وإقصائي .
2-السلبية:منذ اندلاع الثورات التحررية الكردستانية في بداية القرن التاسع عشر والى اليوم,ومع الأسف لم يتوفق في التحرر من الاحتلال وتتالت النكسات الواحدة تلو الاخرى رغم التضحيات العظيمة التي قدمها شعبنا لأجل حريتها واستقلالها, ولم تنل هذا من عزيمة مناضلي الحركة التحررية الكردية من الساسة والمثقفون في متابعة العمل النضالي.
هذه النكسات والإخفاقات المتتالية خلف في نفسية الساسة والمناضلين الكرد , ازمة عميقة من اليأس والاحباط كانت السبب في الانقسام والتشتت في الحركة والاتهام بالعمالة والخيانة,و هذه ولدت الانعزالية و التشبث بالزعامة والعائلية والمناطقية وتحول السياسة الى ثقافة .
3- الدونية : غياب كيان كردي ذات جذور تاريخية مع ما تعني من دولة سياسية على ارضه و( تاريخ و أدب و عظماء) وثقافة وطنية خاصة به ,كان وراء خلق هذه النظرة الى الذات المتمثلة بالدونية مقارنة بالقومية الحاكمة,هذا الاحساس له تأثير على سلوك ومشاعر الفرد المعني فنجد الاستسلام والخنوع والتمثيل لأوامر الحاكم وتنفيذ الأوامر بإخلاص وطاعة و ذلك إرضاء لسيده , ومع الاسف نرى تقليد ه في جميع الامور باعتباره المثل الاعلى في المدنية و الاخلاق والتربية.
التحدي الاكبر لنا في الحقيقة إنما هو هذا الصراع مع الذات الذي كان خلف الفشل في حياتنا السياسية والنضالية و الاحباط واليأس,الحل يأتي من الداخل من خلال الشعور بالمسؤلية الاخلاقية اتجاه مصير شعبنا و لا خيار أمامنا سوى قبول النقد الموضوعي الذاتي واختيار نهج الحداثة والتطوير في اعمالنا وسياستنا.
22\4\ 2012
د.عابدين سليمان.
تم النشر في 10,26 23|04|2012





