أحمد يوسف : الخطابُ القوميّ العربيّ قَرابَةَ قَرنٍ مِنَ الخَديعَة



أحمد يوسف :
الخطابُ القوميّ العربيّ قَرابَةَ قَرنٍ مِنَ الخَديعَة
" محاولة نقدية لمرجعيّات الفكر القومي العربي"

إنّه لمِن البداهات وصف ذهنيّة البعث بالذهنيّة العنصريّة الشوفينيّة الفاشستيّة. لكن ما الجديد في ذلك؟ ومن أين استلهم البعث كل هذه العنجهيّة؟
حتّى نفهم البنية الفكريّة لحزب البعث وذهنيّته لا بدّ من التوغّل في المنابع الأولى المغذّية لهذا الفكر, وكذلك الوقوف عند مرجعيّات هذا الفكر الشمولي البغيض ومصادر شراسته التي لا تقلّ شراسةً عن شموليّة تيارات الفكر الديني.
القصّة ابتدأت بموت الرجل العثماني المريض قبل نحو قرن من الزمن, وقيام ما يسمّى ( تجنّياً ) بالثورة العربية الكبرى عام 1916 على يد الشّريف حسين. وعندما تمّ تنصيب الملك فيصل ملكاً على العراق طبع دولته بالطابع القومي العروبي مستفيداً في ذلك من جهود ساطع الحصري (1879-1968) الذي أخذ نجمه يسطع آنئذٍ كأوّل ملهم ومنظّر لنظريّة الفكر القومي العربي. فالحصري إذن هو الشعوبيّ الأول الذي رسّخ ثقافة العنصريّة وتفضيل العنصر العربي على غيره من الخلائق. انطلق الحصري في التأسيس لنظريّته من العصبيّة مدفوعاً بشحنة من الحقد على الآخر المختلف والغيرة منه في آن. هذه الشّحنة العنصرية تولّدت عند الحصري من اتجاهين اثنين: أولهما تأخّر العرب وتخلّفهم وتفوّق الغرب في كافّة المجالات, والاتجاه الآخر هو تصاعد الفكر القومي التركي بعد انهيار امبراطوريّة بني عثمان في الوقت الذي مازال فيه العرب أسرى الفكر الديني. فاعتقدَ الحصري أنّ الحل يكمن في ترسيخ فكرة القوميّة العربية القائمة على تحييد وإقصاء كلّ ما هو غير عربي, كما يعلن الاسلاميّون على الدّوام أن الحل يكمن في الاسلام.
 فإذا كانت شموليّة الفكر الديني تكمن في طمس معالم كلّ الثقافات في إطارٍ واحدٍ أحد, فإنّ شموليّة الفكر القومي تكمن في نبذ التشاركية ونفي كلّ  الثقافات وإبعادها وإقصائها. فكلاهما إذن يمارسان الاستبداد بطريقة ما.

إنّ الحلّ الذي أراده ساطع الحصري في حيثيّات نظريّته عن القوميّة العربيّة ومفهوم العروبة كان حلّاً متطرّفاً إلى أبعد الحدود, لكنّ فكرته لقيت صدىً كبيراً واستقطبت كل من يمتلك في ذاته بذرة العصبيّة من العروبيّين, وعلى هذا فقد راهن الحصري على ( وهمه ) كوسيلةٍ وحيدة للنهوض بالعرب, ولكنّه لم يزد الأزمة إلّا تعقيداً, فزاد الشقاق والاغتراب بين العناصر المختلفة المكوّنة للمجتمع الواحد. لنتساءل هنا, هل يمكن بناء مجتمع واعد متقدّم, وتأسيس دولةٍ صناعيّة حديثة, والقضاء على كل أشكال التخلّف بالاعتماد على فكرة رجعيّة قاصرة؟ الثابت هو أنّ أيّة فكرة قائمة على الإقصاء ونبذ الآخر, وأيّة نظريّة مبنيّة على تفخيم الذّات والنفخ في ( ماضٍ مجيد ) وإنكار وجود الأغيار بالمطلق , وكذلك قتل التنوّع ضمن أيّة منظومة مجتمعيّة, إنّ كل هذا لا يمكن أن يكون مطلقاً أساساتٍ لأيّة حالة نهضوية.
على هذا فإنّ ما جاء به الحصري وأمثاله من القومجيّين العرب الأوائل كان منهلاً مسموماً بسموم العصبيّة والتفرّد, وكان معيقاً بشكلٍ من الأشكال لحالة التطوّر الطبيعي للمجتمعات التي خضعت لِمَا سمّي فيما بعد بالدّول العربيّة, وهذا ما ولّد نتائج كارثيّة خطيرة في المراحل اللّاحقة, ونحن إذ نقول كارثيّة, لا نلقيه جذافاً, لأن فكرة القوميّة العربيّة أصبحت ملهمةً لكلّ الأحزاب العربيّة التي استولت على السُّلطة لاحقاً, وأقامت دولها على هذا الأساس. ومن ثمّ غَدَت تلك الدّول والمجتمعات عبارة عن تجمّعات بشريّة مقفرة وموحشة, ترزح تحت سطوة القائد الأوحد واللّون الأوحد والعلم الأوحد, واللّغة الوحيدة, ونفوسٌ مثقلة بالضغينة تجاه أيّ مختلف, وتعنيف كلّ طيرٍ يغرّد بلغةٍ مختلفة, ويرقص على أنغامٍ مختلفة تحت ذات السّماء. فهل من كارثةٍ أشدّ وطأة من هذه؟

لم تتوقّف مضخّات ومخاضات الفكر القومي العربي عند ساطع الحصري فحسب, بل تعدّته إلى منظّرين من نوع آخر أسبغوا فكرتهم القوميّة وصبغوها بجينات الشعوبية البغضاء, سنتوقّف في رؤيتنا للفكر القومي العربي أيضاً عند زكي الأرسوزي شيخ البعثيّين وأحد مؤسّسيه الأوائل, وأكثرهم غرقاً في التطرّف والعنصريّة. لقد ألبس الأرسوزي – وهو المحارب الشرس ضد الفكر الديني - ألبس مفهوم نشأة الأمّة لبوساً غيبيّاً مقدّساً, عندما ربط نشأة أيّة أمّة وظهورها على مسرح التاريخ بالعقيدة, والعقيدة عنده هي القوميّة الخالصة المنزّهة, وفي الحالة العربية فإنّ عوامل (غيبيّة) عدّة تآلفت وتضافرت في نشأتها, قد يبدو للوهلة الأولى أن تحليل الأرسوزي لنشأة الامم مقارباً للحقيقة ظاهريّاً, إلّا أنّ طريقة تناوله لنشأة القوميّة العربية تنمّ عن نزعةٍ قوميّة تعصّبيّة عدوانيّة, فهو إذ يلصق الخلود برسالته القوميّة إنّما يمنحها صفة الأزليّة, وهذا يتنافى تماماً ويتعارض مع سيرورة التاريخ المتحوّل غير القابل للثبات.
إذن فالأرسوزي يمثّل في طرحه الحالة القصوى من التطرّف القومي الذي يقف على النقيض تماماً من الفكر الديني, إلّا أنّهما من حيث النتيجة يلتقيان في ذات النقطة, وهو حينما دعا إلى تكوين وعي قومي بعيداً عن الفكر الديني المُسيطِر, وقع في ذات التطرّف لكن هذه المرّة بصبغةٍ قوميّة.
لم ينطلق الأرسوزي من فكرته هذه عن عبث بل يدركها تمام الإدراك, لأن رسالة القوميّة العربيّة –برأيه- أكبر من أيّة رسالة, وهي رسالة سابقة لأيّ فكر ديني. وكلّ رسالةٍ أتت بعدها غرفت من معين الأرسوزي ورسالته (الخالدة). وعندما كان الفكر الديني يمثّلُ البوتقة (الشاملة) التي تذوب فيها القوميّة العربيّة وتفقدها بريق تميّزها وتفوّقها, لا وبل تختلط بغيرها من القوميّات الأخرى من التي تدين بذات الدّين, فإنّ هذا سيقف عثرة أمام الأرسوزي للترويج لنظريّته حول القوميّة العربية التي تنطلق من أيديولوجية شموليّة متفرّدة تنبذ التعدّديّة والاختلاف, وهذا ما لن يتحقّق له في إطار الفكر الديني, ربّما يشعر أصحاب التوجّه الديني الآن بالغبطة, لكن لا يجب أن يقودنا الظّن بأنّ طاغوت الفكر الديني هو الملاذ للخلاص من طاغوت الفكر القومي المتعجرف, فقد قلنا فيما سبق بأنّهما يلتقيان من حيث النتيجة في ذات النقطة, وكلاهما يغذيان الشموليّة بشكل من الأشكال.
يقول الأرسوزي: " لمّا طغى الدخيل والهجين على بيئتنا, تقلّصت مشاعرنا الرحمانيّة, وعميت بصائرنا في الشؤون الإنسانيّة, واختلّ نظام القيم في مجتمعنا"  
إلى ماذا يصبو  الأرسوزي من مقولته هذه؟ إذن الأمّة العربية أمّةٌ طاهرة ومقدّسة لا تشوبها شائبة قطّ. وهي أمّةٌ مختارة لا تضاهيها أيّة أمّة أخرى, لكنّ هذا الاصطفاء والتفوّق بنظره لم يتحقّقان عن طريق الغارات الإسلامية على بلدان الغير والاختلاط بشعوبها, واكتساب أنماط الحياة ووسائل الحضارة من البلدان المغارة عليها, بل يرى العكس تماماً, فالعرب كانوا الأسياد الأطهار ولما اختلطوا بغيرهم فقدوا هذه الميزة. فالأرسوزي يعيد ما يعدّه أمجاداً إلى فجر التاريخ, وأنّ الأمّة العربيّة ذات علوٍّ في الشأن متفوّقة منذ نشأتها.
لنتوقّف عند الجملة الأولى " لمّا طغى الدّخيل والهجين على بيئتنا تقلّصت مشاعرنا الرحمانيّة" يلجأ الأرسوزي هنا إلى تزييف التاريخ وتحريفه ويقدّم ما يراه على أنّه هو الصواب والحقيقة. فمن الذي طغى على بيئة من؟ الحقيقة التاريخيّة تثبت أنّ العرب هم الذين كانوا الدخلاء الهِجَانَ على بيئات الغير, وليس العكس كما يدّعي الأرسوزي, هم الذين زحفوا من صحرائهم باتّجاه بلاد الشّام والعراق وشمال افريقيا, واستولوا على كلّ بقعةٍ وطأتها حوافر خيولهم وإبلهم, وأحلّوا لأنفسهم ما وقعت عليه أيديهم, الأمر الآخر الذي يؤخذ على ادّعاء الأرسوزي في فكرته هذه هو التنكّر الصريح والفاضح لفضائل الأقوام الاخرى في إعلاء شأن العرب تحت مسمّى الخلافة الإسلاميّة, لا بل يوعز الأرسوزي تأخر العرب وتخلّفهم في المراحل التاريخيّة اللاحقة إلى اختلاطهم وامتزاجهم بغيرهم من الشعوب والأمم. نقولُ: إذا كانت ثمّة حضارة عربيّة فإنّها لم تكن لَتعني شيئاً لولا جهود العلماء والفلاسفة والمترجمين من القوميّات الأخرى غير العربية الذين انكبّوا على دراسة علوم الاغريق وفلسفتهم وترجموها إلى اللغة العربية لغة " الأرسوزي".
إذن كل تقدّم وتطوّر – بنظر الأرسوزي- هو من العرب وكل مظهر من مظاهر التخلّف هو قادم من دخول الهجين على الأمّة العربيّة, ومن هنا أراد أن يؤسّس لوهم القوميّة العربيّة بالكذب على التاريخ وتحريفه, فاعتمد في تشخيصه للحالة العربيّة على التاريخ الذي تجنّى عليه هو وأمثاله من منظّري الفكر القومي العربي, ومن ثمّ أورد حلوله الكامنة في العنصريّة وإقصاء كلّ ما هو غير عربي, أو صهره وإذابته في قِدرٍ صدِئ اسمه القوميّة العربيّة, هو القِدرُ ذاته الذي سيلقي أتباع الأرسوزي تحته فيما بعد جمراتٍ لاهبةٍ من الشعارات والكلمات المنفوخة بالعروبة, وهو القِدرُ ذاتُه الذي سيغرف منه الكثير من الدكتاتوريّات جرعات مستديمة من التعنّت في العديد من البلدان العربيّة, حتّى لترى بعد عدّة عقود من اشتغال الأرسوزي والحصري وقسطنطين زريق وغيرهم على الفكر القومي العروبي, لترى أنّ الدول العربيّة قد تحوّلت قاطبةً إلى لوحة كئيبة يطغى عليها بؤسٌ مدقعٌ ولونٌ واحد لا تدرّج فيه ولا يجاوره أي لون آخر. فقط غرابٌ ينعقُ في كلّ الأرجاء على حلمٍ لا بل على وهمِ العودة إلى حالة الأرسوزي " الرحمانيّة ". وكلمة الرحمانيّة هذه التي استخدمها الأرسوزي  بلا شك لم يكن يقصد بها البَرَكة الربّانيّة بقدر ما كان يريد منها التأثير في عواطف العرب ومشاعرهم وإقناعهم بفكرته القوميّة المتعالية, وذلك لقناعته بمدى سطوة الفكر الديني على العقول العربيّة, فاستعار مفاهيم الدّين لخدمة نظريّته. ولكي يرسّخ أسسه النظريّة لا بدّ له – كما يرى - من سحق كلّ دخيل وهجين عل بيئته الصافية.
دخلت آراء هؤلاء المفكّرين – الذين أسميتهم ذات وقفة, بمنظّري العماء ومتفقّهي الفكر المُطَحلَب- دخلت آراؤهم حيّز التنفيذ ما أن استولى أتباعهم على زمام الحكم في الدول العربيّة, فأخذوا يمارسون أبشع انواع الإبادة والتنكيل والتمييز العنصري والقتل الجماعي بحقّ كلّ أمّة تأنفُ حنجرتها نطقَ الضّاد, وبحقّ كلّ مجموعةٍ قوميّة يأبى تكوينها المختلف الانصهارَ في بوتقة القوميّة العربيّة, واستمرّت معاناة الشعوب الأصيلة في المنطقة - وأشدّد على الشعوب الأصيلة كالأمازيغ في بلدان شمال افريقيا و الطوارق في ليبيا و الكورد والسريان ( الأشور والكلدان ) والشركس وغيرهم في بلاد الشام والعراق.– هذه الشعوب لاقت وماتزال تلاقي الويلات من تبعات الفكر القومي العروبي العنصري.

ثمّة منبعٌ آخر من المنابع التي اشتغلت على صياغة الفكر القوموي العربي وأحد أعمدته وهو بالطبعٍ منبعٌ آسنٌ وعمودٌ صدئٌ عفى على أفكاره الزمن إنّه قسطنطين زريق ( 1909-2000). لقد أثبت التاريخ الحديث والمعاصر فشل مشروع زريق العروبي وهو الذي كان يعدّ " عربيّاً للقرن العشرين " على حدّ تعبير عزيز العظمة, ما إن مات زريق حتّى ماتت معه أفكاره التي حاول من خلالها التأسيس لمجتمعٍ عروبيّ خياليّ طوباوي بشكلٍ بعيدٍ كلّ البعد عن العقل والواقع, رغم محاولته إصباغ مشروعه القوموي صبغة العقلانيّة والهدوء واتباعه منهج التحليل الفكري في طرحه, وعلى هذا يمكن القول إنّ العروبة بمفهوميها النظري والعملي ماتت بموت قسطنطين, "وأزيلت كتبه حتى من الرفوف بعد أن كساها غبار الزمن ورميت في المزبلة" وذلك تأكيداً على أنّ العروبيّون قاطبةً لم يكونوا إلّا ظواهر صوتيّة, وانّ خطاب الوهم الذي كان سبباً في استمرارهم لما يزيد على النصف قرن هو ذاته الذي كان سبباً في هزيمتهم في ظلّ نظريّات الحداثة والتحرّر والديمقراطيّة وحقوق الإنسان, شأنه في ذلك شأن الخطاب الماركسي والخطاب الديني أيضاً,
فكلّ هذه الخطابات ( أي الخطاب القوموي والخطاب الشيوعي والخطاب اللّاهوتي ) لم تعد تجدي نفعاً كونها تخاطب اللّاوعي في الانسان وتعزف على وتر مشاعره فحسب من خلال وهم القيم والفضائل المزيفة والشعارات الفارغة, ولا تخاطب الوعي فيه ولا تقترب من عقله فضلاً عن أنّها خطابات لا تسدّ جوع بطنه أو جوع عقله أو تحترم كرامته وإرادته الحرّة.

عودٌ على بدء: إذا كان حزب البعث كان قد اتّخذ من هذه العقول المشحونة بعقيدة التفوّق الوهمي, ومتخمة بأفكار التفرّد والعنصريّة وجعل العرب دون سواهم أصحاب هويّة حضاريّة متفرّدة لا تدانيها أيّة هويّة أخرى, فهل يمكن أن نتوقّع أنّ سلوك البعث كان من الممكن أن يسير في غير هذا الاتّجاه؟ بالطبع لا, فهذه العنجهيّة والشوفينيّة وإقصاء الآخر هي من صلب منطلقاته ومن معين منظّريه الحاملين لسموم العصبيّة والتشنّج. إذن هذا هو البعث وهؤلاء هم أنبياؤه المرضى المصابون بعقدة العروبة ووهم الفكر القوموي العروبي, فسلوك البعث منذ 49 عاماً ما هو إلّا صورة حقيقيّة لهذا الوهم, وعندما تُردَّد بين الفينة والأخرى عبارة " استئصال البعث " فهذا أصدق تعبير على أنّ البعث وكلّ التيّارات القومجيّة الرجعيّة مرضٌ خبيثٌ لا بدّ من استئصاله ليتمّ بذلك استئصال الدكتاتوريّة والشوفينيّة والعنصريّة و الإقصاء والتهميش من منطقة شرق المتوسّط وشمال افريقيا, والخروج من محنة القوميّة إلى فضاءات المدنيّة والحداثة والتأسيس لحضارة ديمقراطيّة.
في الختام لا بدّ من التذكير بأنّ بروز النزعة القوميّة عند الشعوب الأصليّة في المنطقة- والتي يفضّل العرب تسميتهم بالأقليّات- لم تكن نتيجة ارتكازهم على نظريّة قوميّة بقدر ما كان ردّ فعلٍ طبيعيّ على تصاعد الفكر القومي العربي وطغيان القوميّين العرب واستبدادهم, هذه النزعة إنّما برزت كحالة دفاعيّة لحفظ الوجود في مواجهة سياسات الصهر والتعريب أو الإقصاء والنّبذ والتهميش التي تعرّضت ومازالت تتعرّض لها هذه الشعوب منذ استئثار القوميّين بالسلطة في مختلف بلدان العالم العربي, إنّ ما يؤكّد عدم ارتكاز هؤلاء الشعوب ( الأصليّة ) على نظريّة قوميّة واضحة المعالم هو بقاء هذه الشعوب دونَ كيانات سياسيّة جغرافيّة مستقلّة على انّهم أصحاب هذه الجغرافيا, وهذا يقودنا إلى الحكم بأنّ العنصريّة والعصبيّة لم تتسلّلا يوماً إلى أذهان هؤلاء الشعوب بناءً على نظريّة ابن خلدون في أسباب تشكّل الدول وأطوارها, فأحد أهم أسباب تشكّل الدول حسب ابن خلدون هي العصبيّة, وبذلك تمثّل هذه المجموعات الاثنيّة التي أصابها الغبن عبر التاريخ أرضيّةً خصبة للولوج في عصر الديمقراطيّة والتعايش السلمي, وحلّ قضاياهم إنّما يعدّ مفتاح الحلّ لمعظم القضايا الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة, فضلاً عن قضايا الديمقراطيّة والتحرّر وحقوق الانسان.

أحمد يوسف
كاتب كوردي سوري
الدانمرك
الحوار المتمدّن: العدد 3628

" أؤكّد أنّ هذه الآراء لا تنمّ عن نظرة شعوبيّة تجاه العرب على الإطلاق, فهي مقاربة ومحاولة لفهم الأنظمة الدكتاتوريّة ومنظّري الفكر القومي العربي وليست إدانة للشعب العربي " أ. يوسف






أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر