أحمـــــد قاســـــــم : روسيا والنظام السوري والمصالح المشترطة

أحمـــــد قاســـــــم :

 العديد من الأوساط المهتمة بالشأن السوري، تتابع التحرك الروسي على المستوى الدولي والإقليمي، من منطلق ، أن روسيا باتت الشريك الحقيقي للنظام السوري بعد استعمالها للمرة الثانية ( الفيتو) لإنقاذ النظام السوري من قرار اممي..
 لكن اصرار الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على العمل بشكل منسق لتشكيل تحالف دولي من أجل انقاذ الشعب السوري من القتل وسوريا من التدمير. داعماً في ذلك الخطوة، مجموعة الدول الخليجية، حيث قررت سحب سفرائها من دمشق بعد ان تصاعدت حالة العنف الغير مبرر من جانب النظام ، كل ذلك ادت الى مخاوف حقيقية لدى الجانب الروسي. حيث أن الروس في اوج دفاعها عن النظام السوري لا تتجاوز استعمال حقها في النقض. أما مواجهة التحالف الدولي بذات العناد، امر مستحيل، في الوقت الذي تربط روسيا مع العديد من تلك الدول المفترض ان تتحالف ضد النظام السوري، من شأنه تلحق ضرراً كبيراً بالمصالح الروسية فيما لوبقيت على موقفها حتى النهاية.
  لكن الدبلوماسية الروسية تتجه نحوايجاد حل للمسألة السورية بطريقتها التي لا تخلو من الإنتهازية الأخلاقية في تعاملها مع الحدث. حيث زار وزير خارجتها دمشق مؤخراً ليعلن من هناك تفائله على أن الأسد كلف نائبه فاروق الشرع للقيام باتصالات مع كافة جهات المعارضة. وحسب لافروف، إن الحل السلمي ممكن حتى الآن إذا اعتمد الحوار طريقاً للوصول اليه. من دون أن يؤشر على أن هناك المئات من القتلى يومياً تقع من خلال قصف المدن بالمدافع والصواريخ الروسية..بقصد او بدون قصد، فهو أي لافروف وحكومته يتحمل نتائج ما يرتكب من جرائم في سوريا من قبل حلفائه في النظام العصاباتي في دمشق. وأن الحل الذي يبحث عنه الدبلوماسية الروسية، هو حلم بعيد عن التحقيق، في الوقت الذي لم يبقى ما يربط بشار الأسد وزمرته بالشعب السوري بأي رابط اخلاقي او وطني او انساني.
  إن كل ما يسعى اليه الروس هو الحفاظ على موقع سوريا كجبهة دفاع متقدمة لمواجهة المد الأمريكي في المنطقة علىخلفية الثورات الشعبية التي تجتاح المنطقة باسرها. يذكر أن روسيا أنشأت اهم قاعدة عسكرية استراتيجية متطورة على الأراضي السورية ومياهها الإقليمية في قبالة ميناء طرطوس البحرية لمواجهة الدرع الصاروخي الأمريكي في شرقي اوروبا وتركيا. وهي ، أي روسيامستعدة للدفاع عن تلك القاعدة حتى النهاية، وهذا ما يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الدولة السورية، في الوقت الذي يترك الشعب السوري في مواجهة قدره مع هذا النظام المستبد والقاتل، وفقاً لقناعاتها الثابتة( إما أنا او لاأحد ) تدفع بالبلاد نحو الهاوية وبمساندة روسية من كافة جوانبه اللوجستية.
 اعتقد أن روسيا تتفاوض مع مراكز القرار في الأمم المتحدة لإقناعها هلى قبول مبدأ التفاوض بين النظام والمعاضة، بشرط البقاء على بشار الأسد ليترأس عملية الإصلاح التي تطرحها المعارضة ، ولكن على ان تقبل المعارضة ببشار الأسد كشريك في الحكومة المقبلة...وهذا ما ترفضها المعارضة. حيث أن مبدأ الحوار لا يمكن قبوله إلا بشرط التخلي بشار الأسد عن سلطاته وتكليف نائبه لممارسة تللك السلطات في المرحلة الإنتقالية وتقديم كافة من تلطخت ايديهم بالدماء السوريين الى المحاكم العادلة لينالو عقابهم العادل.. وهذا ما يرفضه النظام جملة وتفصيلاً. وبين معارضة الثورة لشروط النظام، ومعارضة النظام لشروط الثورة، تتحرك الدبلوماسية الروسية في دائرة مفرغة، تزيد من عمر النظام وتزيد معه مزيداً من سفك للدماء. وأن العمل من أجل الحفاظ على مصالحها على حساب الدم السوري، تضع نفسها في قفص الإتهام، وتجعل من نفسها شريكاً في كل قطرة دم تجري على الأراضي السورية.
  ومن هنا أعتقد، أن سقوط النظام السوري يعني سقوط الدبلوماسية الروسية، وبالتالي سوف تنتهي مصالحها الإستراتيجية من عسكرية إلى سياسية وانتهاء بالإقتصادية. وكأن الحلف الروسي مع النظام السوري امام قدر محتوم( إما بقاء النظام مع الحفاظ على المصالح الروسية ، والقضاء على كامل الشعب السوري. أو انتصار الثورة واسقط النظام مع انهاء للمصالح الروسية في سوريا) هذه هي المعادلة التي لا تقبل إنفكاك أحد طرفيها. وهذه هي حقيقة موقف روسيا أولاً و أخيراً ، في محاولة منها لتشكيل معسكر شرقي لقيادة حلف ضد المصالح الأوروبية والأمريكية إنطلاقاً من سوريا، ومن ثم تطويرها نحو مرحلة حرب باردة من نوع آخر، وذلك بين الشرق والغرب، وإعادة الإعتبار لدورها الدولي والإقليمي على حساب دماء الشعب السوري.


 
 أحمـــــد قاســـــــم
الكاتب والسياسي الكردي السوري      8\2\2012







أخبـــــــار الوطـــــن

بيـــانــــات و تــقــــاريـــــر