د. ناصر :
رغم ضغط الأحداث في سوريا آثرت أن اكتب عن الوضع الكردي الراهن في هذه المعادلة الحرجة, لأن كل المؤشرات الراهنة تؤكد أن حلقة جديدة من الأعمال المشتركة المضادة ضد حركة التحرر
ففي تركيا يستمر اعتقال الاف السياسيين المنتخبين بينهم اعضاء مجلس الشعب ورؤوساء البلديات منذ اكثر من سنة في شمال كردستان, وتستمر العزلة الخانقة والتجريد والسجن الانفرادي على اوجلان منذ اكثر من ستة اشهر, بالاضافة الى الحملات التمشيطية الواسعة والعنيفة جدا حيث استخدمت الاسلحة الكيماوية أكثر من مرة, وارتكبت مجازر ضد المدنيين في شمال الحدود وجنوبه عبر القصف الجوي – اهمية تركيا تنبع من انها على علاقة بحزب العمال والبرزاني والوضع السوري والكردي - زيارة نيجرفان برزاني الى تركيا بعد عملية جلي, وما اعقبتها من زيارة لرئيس الاقليم مسعود البرزاني واجتماعه بالمسؤولين الاتراك ووعوده لهم بالعمل في اطار التنسيق الثلاثي التركي العراقي الامريكي للضغط على العمال الكردستاني من جهة, كذلك تقسيم الشارع السياسي الكردي في غرب كردستان بابعاد حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د عن المجلس الوطني الكردي بايعاز مباشر من مسعود البرزاني عبر مواليه رغم قبول استمرار المناقشات بناء على مطالب جماهيرية واسعة لتحقيق وحدة الصف الكردي, زيارة وفد قيادي للمجلس الوطني الكردي لاربيل وما رافقتها من اشكالات من حيث عدم التمثيل وتغييب قوى اساسية, لم تكلف قيادة الديمقراطي الكردستاني نفسها عناء توضيح ممارساتها التقسيمية الاقصائية المزاجية المشبوهة رغم اعتراض قوى كثيرة على مثل هذه الاعمال, وكأن لسان حالها يقول " اننا سنستمر في اعمالنا هذه لان لنا فيها مصالح, والادلة على دورها المشين في تقسيم الصف الكردي والحركة السياسية الكردية في غرب كردستان كانت واضحة وأكيدة وكثيرة .
زيارة برهان غليون بوصفه رئيسا لما يسمى المجلس الوطني السوري( طبعة استانبول ) الى اقليم كردستان ومطالبه من البرزاني في التدخل من هناك للايعاز للاحزاب الكردية السورية الموالية للتقارب اكثرمع المجلس الوطني السوري والمشاركة فيه – خصوصا ان بعض الاحزاب مشاركة اصلا في المجلس الوطني السوري وجمدت ممثليها في المؤتمر تحت ضغط الشارع ولم تنسحب تماما - بعد ان تعهد غليون بتغييرات ترضي هذه القوى, اعقبتها تصريحات عبد الحكيم بشار سكرتير البارتي ورئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا التي اعلن خلالها انهم مستعدون للانضمام للمجلس السوري اذا ما اجرى بعض التعديلات, وانه ما من مسافة كبيرة بين المجلسين .
الجولة الجديدة بدات مع انعقاد مؤتمر الجالية الكردية السورية في الخارج برعاية حكومة الاقليم, وكانت الدعوات مرة اخرى انتقائية استهدفت اقصاء قوى شعبية اساسية في المجتمع السياسي الكردي السوري, و ما أثار الانتباه والشكوك اشارة البرزاني الى عدم استقبال الاحزاب المسلحة في المؤتمر, رغم انه ما من حزب كردي في سوريا كلها يتبنى الكفاح المسلح الا اللهم ان كان يقصد ب ي د على انه جزء من ب ك ك التي تقاتل ضد تركيا في تقصد مباشر لاقصاء هذا الحزب الذي يشكل قوة جماهيرية تمنعه ومواليه من تمرير مخططاتهم وصفقاتهم على حساب الشعب الكردي, في عملية مباشرة سخيفة لخلق كتلة حزبية بمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي, بعد أن فشلت هذه الاحزاب الكردية حتى الان في ايقاف الصعود والنهوض الجماهيري الوطني ل ب ي د , فاقتصرت دعوة البرزاني هذه المرة ايضا على العناصر السابقة واشباهها في مهزلة لا هي بالمؤتمر ولا بالكونفرانس واشبه ما تكون بدورة تدريبية, ولم تنس ان تطعمها بشخصيات اخرى كجواد الملا وغيره ممن احترقت اوراقهم, وكذلك المتهمين بفضيحة العشرة الاف أو الخمسة عشر الف دولار .
عمار القربي من مرتعه مع زوجته حيث مكان اقامته العائلية في استانبول فتح اشداقه, واخذ ينشد في بوقه التركي اتهاماته للكرد والحركة السياسية الكردية بالانفصالية ورغبتها في تقسيم سوريا, تزامنا مع مقولات المستسلم كمال بورقاي حول قيام العمال الكردستاني بضخ الفين من كوادره لدعم بشار الاسد, بهدف الاساءة الى سمعة الحزب رغم اعلان الحزب رفضه لمثل هذا المنطق اساسا, واردف انه قد سمع ذلك من احد رؤساء الاحزاب الكردية في سوريا وظلت تصريحات الشقفة وزهير سالم والبيانوني حول اتهامات حزب العمال الكرستاني بالارهاب .
لوحة الواقع تنبئنا باللعبة الخطرة التي تستهدف الكرد والحركة الوطنية الكردستانية, واذا كان الهدف الرئيس المركزي هو منظومة المجتمع الكردستاني كلها أي الحركة الآبوجية, فإن الواقع السوري الراهن يجعل من الحركة السياسية الوطنية الكردستانية في غرب كردستان وسوريا هدفا مباشرا توجه اليها السهام والمدافع في هذه المرحلة الحبلى بالتطورات, وما محاولات تمزيق الصف الكردي في غرب كردستان الا عملا عدائيا للشعب الكردستاني لمنع اية تطورات قد تحرج تركيا مستقبلا.
يبدو ان السيد البرزاني قد انبرى لقيادة هذه اللعبة واداء هذا الدور تحت ضغط تركي من جهة, ولفرض نفسه - عبر مواليه - على الساحة السورية كي لا يبقى دون حصة في سوريا المستقبل من جهة اخرى, لأن حزبه - أي البارتي - غير مؤهل للقيام باي دور فاعل منفرداً, الذلك اثر ان يخوض الصراع مع حزب الاتحاد الديمقراطي عبر تكتل حزبي يدعمه ماديا ومعنويا وان ادى ذلك الى تبعثر الموقف الكردي في سوريا ,رغم ان المنطق والواجب يفرضان على حكومة الاقليم قيامها بمهام ايجابية عكس ما تفعله, وهي ان تدعم كل الشعب الكردي, بتقريب وجهات النظر بين مختلف الفصائل وادارة حوار وطني شامل ورعايته للوصول الى صيغة مناسبة تقدم الحل وتملك القدرة على فرضه.
فرص التحرر والتحرير في هذا الجزء لا تتكرر سريعا ولا تكون جاهزة دائما, والفرصة الراهنة لشعبنا كبيرة وكبيرة جدا, فالنظام الموجود ذاهب لامحال عاجلا كان أم آجلا, , واذا كان حزب الاتحاد الديمقراطي قد نجح في فرض اللون والطابع الكردي على الحراك الشعبي في المحافظات والساحات الكردية – وهذه نقطة تسجل للاتحاد الديمقراطي – فإن مواقف المعارضة السورية خصوصا في المجلس الوطني السوري وكل أزلام تركيا انكارية اقصائية شوفينية بامتياز, فان ذلك لا يكفي البتة, أي لا بد من استغلال الفرصة كاملة عبر توحيد الصفوف في غرب كردستان لتأمين امكانية الانطلاق بقوة نحو المرحلة ليكون الكرد شركاء حقيقيين وفعليين في الثورة وفي سوريا المستقبل على اساس بناء الأمة الديمقراطية والوطن المشترك بضمانات دستورية واضحة.
وهنا للاجزاء الاخرى بعددها وعدتها وتجربتها العملية أدواراَ مهمة ومهمة جدا, ان تعمل على لم شمل شتات الحركة السياسية الكردية الغربية, وتحقيق المصالحة بينها وتوحيد جهودها وتقديم كل انواع الدعم لها ومساندتها, لا بل حتى مشاركتها ان استدعت الحاجة في نضالها وهي رات بأم أعينها كيف ترفع الجماهير في هذا الجزء شعارات الغريلا والبيشمركة تحميني ردا على شعارات الاخرين المنادية ان الجيش السوري الحر يحميني, لكن مع الاسف يبدو ان بعض ممن يدعون الأصالة الكردية, لم يتجاوزوا بعد حالة الغفلة على الاقل التي تدفع بهم نحو خدمة الاخرين والتبعية حتى ان ادعوا انهم مستقلين واحرار وانهم هم اصحاب القرار, لان التبعية في الفكر والذهنية تخلق العبودية للاخرين وتمنع الاستقلالية في القرار وهو حال الذهنية التي تعمل في هولير.
كيف سيبرر البرزاني دعوته للموالين له فقط في الجولة الثانية, أو بشكل ادق كيف سيبرر اقصاء أطراف رئيسة في الساحة تمثل القسم الأكبر من الشارع الكردي ان كانت اهدافه فعلا وحدة الصف الكردي ؟؟؟ أليس الاصرار على تكرار الخطا معناه التقصد؟!!, ولم هذا التقصد ؟!! ليس له مبرر على الاطلاق وتفوح منه روائح مؤامرة تركية ممزوجة بمصالح عائلوية حزبوية ضيقة, وستكون الحجة اقبح من الذنب, انها تحفظات تركية كردية على مشاركة الاتحاد الديمقراطي في المؤتمر من جهة لأنه يقلب موازين القوى, ويتحرك باستقلالية تهدد مصالح تلك الفئات لصالح الشعب, أي ان البرزاني يريد تقوية دائرة نفوذه في غرب كردستان وسوريا عبر دعم الموالين له الذين يجمعهم وضع مشترك هو رد الفعل غير المبررضد نهوض وقوة وجماهيرية الاتحاد الديمقراطي, أي أنه تدخل لمحاولة قلب الوقائع لصالح مواليه الذين كانوا يتوجهون نحو اعلان الإفلاس.
اجل العذر اقبح من الذنب لانه ما من احد يستطيع ان يدعي ان اجتماعا اقصائيا اختياريا كهذا سيلعب دورا في بناء الوحدة الشعبية, ولا يستطيع احد انكار انه موجه بشكل مباشر او غير مباشر ضد الاتحاد الديمقراطي وحركة التحرر الوطنية الكردستانية المعاصرة, فأين انتم يا سادة الاقليم من الحرية والتحرر ومن قضايا الشعب الكردي في هذا الجزء.
من الواضح جدا ان هذا المؤتمر او الاجتماع الذي عقد في هولير هو نتاج التقاء مواقف كثيرة تهدف لابعاد حركة التحرر الوطنية الكردستانية بقيادة منظومة المجتمع الكردستاني عن التطورات تمهيدا لاستكمال مخطط الابادة التركي من جهة, وكذلك ابعاد حزب الاتحاد الديمقراطي بجماهيره الكبيرة عن اهدافه النضالية الاصيلة في هذه المرحلة الحرجة لفتح الافاق امام القوى الموالية له من جهة اخرى, وهو بهذا يكون قد وفي بوعوده التي قطعها للاتراك اثناء زيارته الاخيرة لانقرة, وكذلك تنفيذ التزاماته للمجلس الوطني السوري بقيادة غليون الذي طالب البرزاني بالضغط على انصاره في سوريا للتقرب من المجلس الوطني السوري الذي وعد بمنح الاحزاب الكردية مواقع معقولة ومناسبة في الهرم التنظيمي للمجلس السوري, وهو يكون بهذا قد حاول فتح الطريق امام الاحزاب الموالية له في صراعها ضد حزب الاتحاد الديمقراطي ذو الشعبية الجماهيرية الساحقة على الساحة الكردسورية , ولتامين ذراع قوية نسبيا ومؤثرة في غرب كردستان, حتى ان كان تامين هذا الذراع ضربا للمصلحة الوطنية للشعب الكردي في غرب كردستان وسوريا.
دعوات البرزاني الاقصائية الانكارية الانتقائية لاحزاب معينة من الحركة مهما تذرعت تبقى دعوات مشبوهة ومؤلمة لشعبنا, يشتري مدعويه تارة بالمال وأخرى بوعود منصبية او مستقبلية, لن تؤدي الا الى مزيد من تقسيم الشارع الكردسوري, والى مزيد من التبعية وغياب استقلالية القرار, وهذا يضرب كل الحركة الوطنية الكردستانية في الصميم,وبالاخص في غرب كردستان, خدمة لمصالح حزبية ضيقة, أووفاء لاجندات خارجية تركية ومجلسية سورية, الخطا ممكن وقابل للتفهم, لكن الاصرار على الخطأ رغم التبيهات يؤكد ان ما يجري هو عن سبق الاصرار والترصد, مشاركة خاطئة باسلوب خاطيء وطريقة خاطئة سيتحمل مسؤوليتها امام التاريخ والشعب .
بقي ان أقول لممثلي الأحزاب الكردية السورية المشاركة في مثل هذه الاجتماعات وقادتها, أما ان لكم أيها السادة ان تتبنوا موقفا مستقلا وقد نالكم في الجولة السابقة من صنوف الفضائح الكثير. هوذا التاريخ يكتب وسيكتب يوما عن كل هذا فطوبى للمناضلين .