ادريس مهدين أحمد
لا يخفى عن المتابع لشأن العربي التدخلات الواضحة و الصريحة من الاتراك في الثورات العربية مادياً و معنوياً و فيزيكياً منذُ إندلاع الشرارة الأولى في تونس إلى التدخل في شؤون الداخلية لبعض
من تلك الدول التي نالت حريتها من الدكتاتوريات كـ تونس و ليبيا و مصر تحت ذريعة الإسلام العلماني , هذه الإكذوبة أو هذه اللعبة التي نجحت في تركيا ليس بالضروري أن تنجح في الدول العربية التي ما تزال جاهدتاً تنفض عن فستانها غبار بقايا مخلفات الدكتاتوريات منها أحزاب و السلفية و مرتزقة و جماعة الإخوان المسلمين " هذا إن سلمنا جدلاً بأن الشعوب العربية أرتضت حزب العدالة و التنمية حذواً لها . كما في حال العراق الحالي نرى إن الحكومة التركية تدعم إنشاء إقليم للسنة في العراق في الوسط و الغرب بعد أن إجتمعوا مراتٍ عدة مع الشخصيات السنية العراقية و منهم طارق الهاشمي و رافع العيساوي , هذا إلى جانب للقاءاته المستمرة مع وجهاء عشائر و رجال أعمال عرب سنة و إلى جانبهم أرشد الصالحي نائب و رئيس الجبهة التركمانية و حثه على التقرب من العرب السنة كما سيكون هذا الإقليم مأوى لفلول البعثيين . اما في سوريا و قبل التخلص من دكتاتورها نجد جماعة إخوان المسلمين و بأمرٍ من الحكومة التركية يقودون زمام الأمور في شؤون الدولة دون الرجوع للشعب أو لباقي أطراف المعارضة في أخذ قرارات مصيرية , و في سابقة تعد هي الأولى في تهميش و إقصاء و التفرد بالرأي من جانب جماعة الإخوان المسلمين للمعارضة , حيث خرج إلينا المدعو "رياض شقفة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين " في مؤتمرٍ صحفي يدعو فيها الأتراك للتدخل عسكرياً في سوريا مؤكداً إن الشعب السوري " سيقبل " بالتدخل في سوريا من الأتراك أكثر من الغرب , حتى دون أن يوضح سيد شقفة نوع هذا التدخل . و في مداخلة من السيد عبيدة النحاس كي يصحح خطأ الذي أرتكبه شقفة قال , إن ما يعنيه رياض شقفة إذا عُرض على الشعب السوري تدخل الجيش التركي " قد " يقبل بتدخل الجيش التركي . و سؤال هنا للشقفة كيف تجزم إن الشعب السوري سيقبل بالتدخل التركي ام إن الشعب السوري جميعهم منتمون إلى جماعتكم الإرهابية ؟ . أليس من المنطق و العقلانية أن يدخل سوريا جيوشاً عربية ؟ . أليس مفروضاً على الجيوش العربية أن تتولى مساندة و حماية الشعب السوري أكثر من غيرها من الجيوش ؟ هذا إذا كان الشعب السوري يطالب بالتدخل العسكري أصلاً . ام يريد جماعة الإخوان و المجلس الوطني رد الجميل لأسيادهم الأتراك على إيواءهم للإخوان و المقابل يقدمون سوريا بأكملها للإحتلال التركي و كأن الإخوان و المجلس الوطني يزايدون الأسدين ولائهم للحكومة التركية " الإخوان و المجلس الوطني أكرم من آل الأسد فالأسدين الأب و الأبن قدموا لواء إسكندرونة للأتراك على طبق من الفضة أما الإخوان و مجلس الوطني السوري يقدمان سوريا للأتراك كاملتاً على طبق من الذهب " . و إن كنا متعودون على قول اللاذقية العرب و سوريا الأسد فعلينا من الآن و صاعداً أن نتمرن على قول سوريا الأردوغانية ! . و العودة للموضوع التدخل الخارجي و الفرق ما بين التدخل الجيش التركي و الجيوش العربية هذا و نؤكد إذا فرضنا إن الشعب السوري يقبل بالتدخلات العسكرية الخارجية , ففي التدخل العسكري التركي لسوريا سيكون هلاك و دمار لشعب السوري و له أهداف عديدة , و منها كبح جماح للحلم الشعب الكوردي في سوريا في حقوقهم " المشروعة " و كي يستطيع التطاول على حكومة إقليم كوردستان , و من جهة أخرى حتى يمد يده للبعثيين و السنة في العراق تحت ذريعة الإسلام يفتح جبهته السنية ضد الشيعة على حساب الشعب الكوردي و العربي السوري و العراقي . كما كانت لبنان محتلة من قبل الأسدين عن طريق حزب الله و أمل ستكون سوريا محتلة من قبل أردوغان عن طريق عملاءه الإخوان و مجلس الوطني السوري و سيكون العراق مهدد و سيبقى ما بين نارين الفارسي و التركي . و في التدخل الجيوش العربية إذا كان مطلوباً فالدول العربية ليسوا هم بطامعين بشيئ بسوريا و ليس لهم أهداف في سوريا و ليس لهم أجندات آخرى فقط و لربما يكون مداخلات العربية في كسر أحد أجنحت الفقيه في سوريا و يخفف تهديدات الإيرانية على الخليج العربي .
ادريس مهدين أحمد
كاتب كوردي سوري مستقل