دلشا يوسف .
لوحظ في الفترة الأخيرة حدوث تغييرات كبيرة على أسلوب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في معالجة الأمور المتعلقة بالقضية الكردية، بدء ذلك قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة، و إزدادت شدةً عقب النجاح الساحق الذي حاز عليه في
و أقنعت حزب العدالة و التنمية نفسها بأن هذه الستراتيجية ستجد طريقها للنجاح بالإعتماد على أنه في السابق لم يكن هناك ثقة بالجيش في الكفاح ضد الإرهاب، و لكن الآن فالحكومة هي المسيطرة على الجيش، و ان زمام الأمور بيد الإدارة المدنية، و إنه و في حال تم تأمين الآليات العسكرية المتطورة، سيكون بالإمكان توجيه ضربات مميتة لحزب العمال الكردستاني و القضاء عليه.
و بهدف إنجاح برنامج هذه الستراتيجية، لم تتوانى الحكومة التركية عن توظيف الدواعم الدبلوماسية أيضا، حيث من جهة دعت إدارة إقليم كردستان العراق للتحرك بشكل اسرع ضد حزب العمال الكردستاني، و من جهة اخرى كثفت مباحاثاتها مع أمريكا للحصول على دعم عسكري و إستخباراتي أكثر، غير متناسيةً دور إيران و التي أبرمت معها إتفاقات للتعاون في هذا الشأن.
و لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو، هل ستفلح الحكومة التركية في تحقيق ما تبتغيها من ستراتيجيتها الجديدة- القديمة؟.
يبدو أن تحقيق هذا الأمر ليس هيّناً، في ظل التوازنات الإقليمية الجديدة، و الحنكة السياسية للأطراف الكردية الداخلة في هذه المعادلة، و التي و حسب ما تشير إليه التصريحات الأخيرة للقيادين الكرد، أنهم إستخلصوا الدروس و العبر من تجاربهم السابقة، و إنهم لن يعيدوا تجربة الإقتتال الأخوي فيما بينهم مهما كانت الأسباب.
و في هذا السياق قلل جنكيز جاندار- كاتب العمود في صحيفة راديكال- من شأن الستراتيجية الجديدة للحكومة التركية، لأنه و حسب رأيه، لا إيران و لا حكومة إقليم كردستان لم يتجاوبوا بالمستوى المطلوب مع الأهداف التي رسمها حكومة اردوغان.
كما و يشير الكاتب جاندار إلى التصريح الأخير الذي أدلى به مراد قريلان القيادي البارز في حزب العمال الكردستاني لصحيفة (روداو) الكردية و التي تصدر من اربيل، حيث قال الآتي:
" من غير الممكن أبدا حدوث إقتتال بين قواتنا المسلحة و البيشمركة، حيث لم يعد هناك أرضية لعودة الإقتتال بينهم من جديد. فأنا واثق تماما من السياسيين الكرد و العهود التي قطعوها على أنفسهم بهذا الشأن".
و يتابع الكاتب قوله:
و لم يتوانى قريلان في حديثه للتطرق لحقيقة أن مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان يبذل جهوده من أجل إيجاد حلول سلمية للقضية الكردية و أنه لن يبرم إتفاقا عسكريا مع تركيا بهدف محاربة حزب العمال الكردستاني".
و تشّكل تهديد وزير الخارجية التركي أحمد داوود اوغلو بالتوغل في أراضي إقليم كردستان العراق و إقامة منطقة عازلة و رؤية ذلك كحق شرعي، في حال عدم إبداء حكومة إقليم كردستان التعاون اللازم مع تركيا، من أحد الأعمدة الأساسية في هذه الستراتيجية.
في ظل هذه اللوحة القاتمة للتطورات التي تعيشها تركيا في الوقت الحال، يظهربصيص أملٍ، بأن تاخذ التطورات منحى آخر إيجابياً،في حين لو راجعت الحكومة التركية سياساتها، و إستمعت للنبض الكردي الذي يشي بآفاق جديدة في القضية الكردية، حيث من جهة إصرار الحكومة الكردية على تبني السبل السلمية للقضية الكردية، و من جهة أخرى إعلان مراد قريلان عن إستعدداهم لترك السلاح مثل حركة إيتا الإسبانية، في حال بادرت الحكومة التركية بالفعل إلى تبني السبل السلمية لحل هذه القضية، و هذا يعني حسب رأي الكاتب جودت آشكن ( كاتب العمود في صحيفة راديكال) إمكانية عودة الطرفين الكردي و التركي للمباحثات من جديد، خلال موسم الشتاء.
زاوية اسبوعية تنشر في صحيفة كوردستاني نوي الكردية.*