باران بختيار .
لو توقفنا لوهلة وافترضنا انفسنا اننا نعيش في مرحلة ما بعد اسقاط النظام في سوريا، فماذا سيكون موقفنا وماذا سيكون توجهنا وعملنا؟؟
ان الحالة التي عاشتها سوريا في ظل نظام البعث والدكتاتورية الاسدية منذ عقود جعل من الدولة السورية في جزئية ممارسة السلطة نوعا هجينا بين الدكتاتورية المؤدلجة بالفكر العروبي الشوفيني من جهة وبين المافيوية القائمة على اساس العائلة او الاسرة من جهة اخرى، وهذا كله ركز مفاصل اتخاذ القرارات الهامة في الدولة ودوائر تنفيذها ضمن نطاق ضيق جدا لا يتجاوز المحيط الاقرب لرئس هرم السطلة والتفرعات المحيطة به، وتم مداخلة هذا الوضع مع التشكيلات الامنية العاملة ضمن الدولة بمنهجية المليشياوية المترابطة مع بعضها بشبكة من العقد العنكبوتية التي تجتمع لتتركز في القمة، حيث جعل هذا الوضع من مؤسسة الرئاسة السورية وما يحيط بها من مؤسسة الامن والاستخبارات واحد متوحدا في القرار والمصير .هذا الى جانب فقدان الجيش لصفته الوطنية التي كان من المرجح ان يتمتع بها ويعمل بموجبها، حيث تقصد النظام احراق ورقة الجيش في سورية كجهة قد تقوم بما قامت به في تونس ومصر وغيرها وذلك من خلال توريط قياداته في عمليات القتل والابادة ضد الشعب الاعزل . ولا ننسى هنا ان طبيعة السلطة واليات ممارستها في سورية جعل منها من الدول الاولى في مجال الفساد والافساد وهذا ادى بدوره الى اصابة مؤسسة الحكومة بالكامل بالشلل وعدم قدرته على اداء مهامه لا بل اصبح في الكثير من الاحيان هو نفسه عبئا على الدولة والمجتمع .
وكنتيجة لهذا كله نجد انفسنا في مرحلة ما بعد اسقاط النظام في سورية في حالة يمكن ان توصف بحالة اللادولة، كون احد اساسيات استمرارية مفهوم الدولة سوف تكون غائبة عن المشهد السوري العام وهي السطلة، فالمؤسسات الثلاث الرئاسة والعسكر والحكومة ستزول بمجرد سقوط النظام باعتباره جزء عضوي متداخل مع النظام المراد اسقاطه، وهذا يفقد الضامن لاستمرارية الدولة ويضع سورية في حالة الفراغ الذي قد ينبئ بسيناريوهات متعددة منها التدخل الخارجي او الحرب الداخلية او حتى تشكيل الزعامات المحلية وتقسيم سوريا، ولاسيما ان سورية تفتقد لمؤسسات المجتمع المدني والاحزاب القوية القادرة على ادارة الموقف في المرحلة اللاحقة .
من كل هذا يبدو وبكل وضوح ان التحضير لنكون جاهزين لمرحلة ما بعد اسقاط النظام بات ضرورة ملحة وربما بقدر الاهمية المماثلة للعمل الراهن الهادف الى اسقاط النظام، ولاسيما ان كل المؤشرات والدلائل تشير الى قرب سقوط النظام ودخوله في مرحلة الانهيار السريع .
باران بختيار